ثالثاً: طرح الأسئلة على العلماء والدعاة، وإقامة اللقاءات والاجتماعات والبرامج التي تجعل الناس يطرحون ما لديهم من الأمور والإشكالات، وتجعل العلماء والدعاة يتولون الإجابة عليها.
وهنا أثير قضية مهمة: أن جماهير المسلمين في كل مكان، ربما أن (90%) من أسئلتهم التي نقرؤها أو نسمعها تتعلق بقضية أحكام فقهية فرعية تفصيلية.
لا بأس بذلك ومن حق الإنسان، بل من واجب الإنسان أن يسأل عن أسئلة تهمه في أمر دينه، لكن أين الأسئلة -مثلاً- عن البراءة من الأحزاب الكافرة العلمانية التي حكمت المسلمين في كل مكان زماناً طويلاً؟! أين تلك الأسئلة؟! أين الأسئلة التي تتكلم عن تصحيح العقيدة؟! أين الأسئلة التي تتكلم عن أحوال المسلمين، وكيفية الخلاص من المآسي التي يعانونها؟! أين الأسئلة التي تستهدف تنوير المسلمين بما يعانيه إخوانهم في كل مكان؟! أين الأسئلة التي تبحث عن مخرج لهذه الأزمات المتكاثرة التي يعيشها المسلمون؟ أين الأسئلة التي تستهدف إحياء منهج إسلامي في الاقتصاد، والإعلام، والسياسة، والإدارة، والصحافة، والأدب، وفي كل مجال؟! هذه الأسئلة غائبة، من المسئول عن غيابها؟! المسئول أطراف الذي هو أنا وأنت، قد لا نسأل، لماذا؟ لأننا مستغرقون في الجزئيات -كما دل عليه عنوان المحاضرة إن وافقتم عليه- تجدنا نسأل عن هذه الجزئيات التي تشغلنا، لا حرج أن نسأل عما يهمنا حتى في أحلك الظروف، ينبغي أن تسأل عما يهمك من أمر دينك ولو كان جزئياً أو تفصيلياً، ولكن ينبغي أن تسأل عما هو أهم منه وأخطر، وألاّ تكون كمن يعالج الجرح والرأس مقطوع، كما يقال! فأنت مسئول وأنا مسئول.
ولكن أيضاً، المعلم، أو المفتي، أو الموجه، أو الداعية، أو العالم مسئول أيضاً؛ لأنه إذا لم ترد هذه الأسئلة لسبب أو لآخر، إما لأنك أنت لم تطرحها، أو لأنه حيل بينها وبين الوصول إليه، فينبغي أن يتولى هو بنفسه الإجابة على هذه الأسئلة التي من المفترض أن تطرح، ويُسأل عنها، ويعرف الناس حكمها وجوابها في شريعة الله تعالى، لأن الله تعالى يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:38] وقال: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل:89] .