الاشتغال بتطبيق حرفية نظام من الأنظمة

من الاشتغال بالوسائل عن الغايات: الاشتغال بتطبيق حرفية نظام من الأنظمة عن هدف النظام وفحواه ومقصده الأساسي، فمثلاً -على مستوى الأنظمة البشرية- المقصود مصلحة الناس.

فالنظام وضع حتى يحقق مصلحة الناس، ومصلحة المواطن في كل مكان، ومصلحة المسلم في بلده، وهذا هو الهدف الذي من أجله وضعت الأمور، ورتبت وسيرت بشكل جيد.

إذاً القضية الأساسية هي قضية المصلحة، لكنك قد تجد إنساناً حرفياً، أو رديء الفهم، أو مشغولاً بالجزئيات والفرعيات عن الكليات، يأتيك ويقوم بهدم أصل هذا النظام -الذي وضع في الأصل لمصلحة المسلم- اعتماداً على تعميم معين، أو على ورقة خاصة، أو على أمر عنده، ويتمسك بحرفيته، ويضعه نصب عينيه، وكأنه ليس عنده نظام إلا هذا الشيء، ويهمل الأصل المقصود، وهو فحوى النظام وسره وهدفه الذي هو تحقيق المصلحة للإنسان.

المقصود: أن هذه الورقة جزء من النظام الكلي الذي يستهدف مصلحة المسلم في دينه ودنياه، فلماذا تهتم بفرع أوبجزئية وتنسى وتغفل عن الأصل الكلي والهدف الأساسي الذي هو تحقيق المصلحة؟! أضرب لك مثالاً: يأتيك إنسان له مستحق في مكان ما، ربما يصل إلى عشرات الملايين أحياناً، أو أكثر من ذلك، وتجد أنه أصبح يستحق هذا الشيء ولكنه لم يأتِ بكل الأوراق المعتمدة والمستندات التي لابد منها، بقي عليه ما يقارب عشرة آلاف ريال، يجب أن يقوم بتكميلها نقص أو قصر -مثلاً- فتجده قد يعوق عن هذا الأمر الذي هو حق له ويمنع منه، اعتماداً على هذا الشيء.

فهذا عناية بفرع هو في حقيقته إبطال للأصل؛ لأنه إذا كثرت هذه الاستثناءات، صارت القضية كأنها لعبة في يد فلان وفلان.

إنسان عنده غرض أو عنده هوى، أو بينك وبينه عداوة أو خصومة أو مشكلة معينة، فهو يستخدم هذه الأشياء؛ للإضرار بك ومواجهتك إلى غير ذلك.

مثال آخر: الاشتغال بوسائل الدعوة إلى الله تعالى، والكلام حولها، وعن حقيقة الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: فمثلاً كم من الخصومة ثارت حول مسألة التمثيل!! وقع في يدي سبعة كتب تقريباً حول التمثيل، وربما أن هناك أشياء كثيرة لم أطلع عليها، وخصومة حامية الوطيس بين حكم التمثيل، أحلال هو أم حرام؟ ومثل ذلك أيضاً خصومة حامية الوطيس حول الأناشيد، وتجد أننا اشتغلنا ببعض الرسوم الدعوية عن حقيقة الدعوة، نجد أن المسألة عندنا ليست إخراج ممثلين أو منشدين، المسألة عندنا مسألة الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، والاشتغال بهذه الرسوم والقضايا، تأييداً أو سلباً أو إيجاباً أو شجباً، والمبالغة والإغراق فيها هو غالباً ما يعود على الأصل بالضرر.

فالمقصود هو الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وأي أسلوب تتحقق فيه الدعوة إلى الله، وليس فيه معارضة صريحة واضحة لكتاب الله، أو لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالأصل جوازه، وعلى هذا الأصل يمشي الإنسان، إلا إذا تبين له أن هناك ما يعكر على هذا الأصل أو يشكل عليه، فالمهم أني لا أشتغل بالفرع أو بالوسيلة عن الهدف والغاية التي أعمل من أجلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015