الاشتغال بقضايا فرضية، قضايا خيالية، مرة اطلعت على كتاب ضخم لأحد الكتاب، فكان يتكلم عن مسائل فقهية، ومن ضمن المسائل التي تكلم فيها وأطال النفس فيها: مسألة احتمال وجود إنسان على كواكب أخرى غير كوكب الأرض، وقال: احتمال وجود إنسان، وبدأ يبحث عن مسائل أحكام هذا الإنسان، حكمه من حيث التيمم، حكمه من حيث الصلاة، حكمه من حيث استقبال القبلة، كيف يصلي؟ حكمه مثلاً من حيث الحمل، إذا افترضنا أن الحمل على ذلك الكوكب في يوم، فحملت المرأة وأنجبت؛ لأن الوقت يمكن أن يكون عندهم طويلاً، فماذا يكون حكمها؟ وقضية النفاس، وقضية الحيض!! وصارت مضحكة يا أحباب.
هل نريد أن نظل مضحكة للأمم والشعوب إلى يوم يبعثون؟! نشغل أنفسنا بهذه الجزئيات، وبهذه الأمور، وبهذه القضايا الخيالية كأننا عجزنا عن مواجهة الواقع!! وعجزنا عن معالجة الواقع، وعجزنا عن صياغة الواقع، وعجزنا عن النزول إلى الواقع؛ فرضينا من الغنيمة بالإياب، وصار همنا أن ندندن حول القضايا التي نتشاطر فيها على الآخرين، ونستعرض فيها عضلاتنا الفكرية، ولكننا كمن يطحن في الهواء، أو كمن يحرث في البحر!!