إذاً: ليست البداية بأن تبدأ بمسألة أو قضية شكلية، إنما المهم أن نبدأ بقضية تصحيح عقائد الناس، من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بهذه الطريقة يمكن أن تتحول العقيدة إلى هم كبير مؤثر في حياة الناس، وإلى روح تسيطر على قلوب الناس، وتسير حياتهم، وتضبط أمورهم صغيرها وكبيرها، بحيث ترجع إلى هذا الأصل الكبير.
لكن ما دام الأصل فيه نقص، أو فيه ضلال، فلا غرابة أن يترتب على ذلك آلاف الآثار السلبية، فيما يتعلق بالفروع، فإذا فسدت العقائد؛ فلا تستغرب أن تجد من يطوف حول القبور مثلاً، ولا تستغرب أن تجد من يدعو الأولياء ويناديهم، ولا تستغرب أن تجد من يوالي الكفار والمشركين، ويعطيهم الطاعة ويسير في ركابهم وفي هواهم، ويسارع في ذلك، كما قال الله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52]-نخشى أن تصيبنا دائرة-.
هذا هو الكلام الذي يردده الصحفيون اليوم، عما يسمى بالنظام الدولي الجديد.
عندنا الآن نظام دولي جديد! الغرب يحكم قبضته على العالم -خاصة بعد انهيار المعسكر الشيوعي- ولذلك كأنهم يريدون أن يقولوا، أو إنهم يقولون فعلاً: ليس أمام المسلمين إلا أن يسايروا هذا الركب ويسيروا في ظله ويسلموا أمرهم كما سلم غيرهم أمرهم؛ ليكونوا جزءاً من هذا النظام الدولي الجديد، هذا هو ما ذكره الله تعالى عن المنافقين: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} [المائدة:52] أي: في طاعة المنافقين وموالاتهم يَقُولُونَ هذا العذر: {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة:52] نخشى من مصيبة، أو مشكلة، نخشى أن يلتف علينا الشرق والغرب، أو يتبرأ منا، أو يخطط ضدنا, أو يتآمر علينا، أو يحاربنا، وهذه -مع الأسف- مشاعر كثير من المسلمين، في طول العالم الإسلامي وعرضه، في مشارق البلاد ومغاربها.