المسلمون والولاء والبراء

هذا المعنى الكبير ما نصيبه من عقولنا؟ وقلوبنا؟ ومجالسنا؟ وصحافتنا؟ ما نصيبه من إعلامنا؟ ومجتمعاتنا؟ ومؤسساتنا؟ سواء كانت مؤسسات رسمية أو غير رسمية، ما نصيب هذا الموضوع وإبرازه وتربية الناس عليه؛ بحيث يصبح جزءاً من حياتهم لا يتجزأ، ويأخذ حجمه الطبيعي وهو حجم كبير أو قليل! لكننا في الوقت الذي نتناسى فيه خطر النصارى أو خطر اليهود، ونتناسى تحالفهم الخطير اليوم على أمة الإسلام، وتناديهم للقضاء على هذه الأمة، وصراخهم المسلمون قادمون, ونسي هذا الحلف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية بالذات وإسرائيل، وإصرار أمريكا على حماية إسرائيل وحفظ أمنها، وتوفير كافة الضمانات الممكنة لها، وتحقيق كل مطالبها، بل ومساهمتها أصلاً في وجود هذه الدولة، ثم في بقائها، ثم في حمايتها، ثم في توسعها، ننسى خطر اليهود، وننسى خطر النصارى؛ لكننا قد نستخدم هذه القضية حينما نريد أن نلفت نظر الناس إلى أمر مهم، تقول: كيف؟! أنا أوضح لك: يقع بيني وبينك خلاف في مسألة من المسائل الفرعية، وهو خلاف جائز؛ لأن المسألة ليس فيها نص من الكتاب والسنة، والمؤكد أنك لن تسأل عنها في القبر، وأنك لا يشترط لكي تدخل الجنة أن تقول فيها؛ لأن المسألة ما بيَّنها القرآن بياناً لا يلتبس على أحد، وقد لا تكون وردت في القرآن أصلاً، أو لا تكون وردت في السنة، لكني اختلفت وإياك في هذه المسألة، فأنت قد تجد في هذا الأمر فرصة لأن تقول: إن هذا الكلام خطير، وهذا الكلام لا يجوز، وهذا فيه وفيه وفيه، ولكي تقنع الناس بأن هذا الكلام فعلاً خطير وضار وينبغي ألا يصدق؛ فإنك تلجأ إلى أن تقول القول في هذه الفئة والطائفة أنها أخطر على الإسلام مِن اليهود والنصارى!!! الآن احتجنا إلى قضية الكلام عن خطورة اليهود والنصارى؛ حتى نؤكد للناس أن المسألة هذه خطيرة، وقد لا تكون كذلك، وقد تكون كذلك -الله أعلم- فالمسائل تتفاوت، لكن العناية بالقضية الأصلية ابتداءً وتربية الناس عليها، وبناء النفوس بها، وشحن القلوب، هذا غير موجود، ولماذا نضحك على أنفسنا؟ لماذا لا نتقي الله سبحانه وتعالى، وننظر إلى واقعنا وإلى أحوالنا نظرة فاحصة، نظرة الذي يبحث عن الخطأ ليتجنبه، ويبحث عما يرضي الله سبحانه وتعالى ليفعله، فالعبد يتعامل مع ربه عز وجل، خاصة إذا كان في مجال الدعوة، وفي مجال التعليم، وفي مجال طلب العلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015