ظاهرة الاهتمام بالفروع دون الأصول

والغريب أيها الأحبة أن هذا الأمر ظاهر من وجوه عديدة: أولاً: أنت حين تقرأ القرآن الكريم، أنا أتعجب ونحن نسمع جميعاً قراءة إمامنا جزاه الله خيراً، فهذه الآيات المزلزلة التي تهز القلوب، وتجر الدموع حتى من الغلاظ القساة، هذه المعاني الكبيرة العظيمة التي تردد في آيات القرآن الكريم، لا تكاد تجد وجهاً من القرآن الكريم، إلا وفيه الحديث عن الدار الآخرة والبعث والحساب، كم أخذت من اهتمام الدعاة والعلماء والمصلحين والخطباء والمربين؟! أقول بدون تحفظ: إنها لم تأخذ مقدار ما أخذته قضية جزئية فرعية من أحوال كثير من الدعاة، ولا أبالغ إذا قلت: إن من الدعاة من قد يهتم بقضية التسبيح باليد اليمنى أو باليدين كلتيهما، ربما يهتم بهذه القضية، أكثر مما يهتم بتلك القضايا الكبرى، التي أبدأ القرآن فيها وأعاد، والتي هي موضوع القرآن الكريم في معظمه، قضايا الاعتقاد الكبرى التي تُسَيِّر دفة الحياة، وتحكم العقول، وتصلح القلوب، وتبني الأمة، وتحدد الاتجاه.

أصبحت قضايا لا نحتاج إليها إلا في حالة واحدة، وانظر كيف انتكست المسألة مع الأسف الشديد؟ إذا أردنا أن نؤكد للناس، على أهمية قضية جزئية، حاولنا أن نتحايل بربطها بالأصل حتى تصبح قضية مهمة بدليل أنها قضية ترتبط بالعقيدة، وقد يكون ربطها بالعقيدة صحيحاً فتكون مهمة فعلاً، ولكن أحياناً قد نتكلف ربطها بالعقيدة؛ لنؤكد للناس أن هذه قضية مهمة، مع أننا نسينا العقيدة نفسها في بعض الأحيان، التي نستخدمها أو نحاول أن نستفيد منها في ذكر بعض القضايا الجزئية وتضخيمها وتكبيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015