المسائل العملية فروع وأصول

فمثلاً: العلم بوجوب الواجبات -كأركان الإسلام الخمسة- هو من قضايا الأصول الظاهرة، مع أنه أمر عملي، الصلاة والزكاة والصوم والحج، وقبلها أيضاً الشهادتان، وبالذات الأركان الأربعة الأخرى، فإنها ظاهرٌ جداً أنها أمور عملية؛ ومع ذلك فالعلم بوجوبها هو من قضايا الأصول الظاهرة، ولذلك كان من جحدها كافر، مثله في ذلك مثل من جحد مسائل الاعتقاد الثابتة المشهورة المتواترة التي لا تخفى أدلتها، كمن جحد -مثلاً- قدرة الله تعالى أو علمه وأنه بكل شي عليم، أو أنه سميع أو بصير، أو سائر أركان الإيمان الستة، التي ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

كما أننا نجد في المسائل العملية فروعاً وجزئيات.

فمثلاً قضية الصلاة: الصلاة أصل، لكن تفاصيل سنن الصلاة وما يستحب أن يقال فيها، هذا ليس أصلاً، بل هو من الأمور الدقيقة، فهو يصح أن يسمى فرعاً أو أن يسمى أمراً جزئياً.

فهل ترى يا أخي -مثلاً- أن من العدل أن نستغرق وقتاً في الحديث عن جزئية، من هذه السنن الواردة في الصلاة -كما سيأتي الإشارة إلى شيء منها- كالحديث عن جلسة الاستراحة، أو الحديث عن التورك، أو الحديث عن صفة الهوي إلى السجود، هل يسجد على يديه أولاً، أو على ركبتيه أولاً؟ هل ترى أن من الحكمة أن نستغرق في هذه المسألة ونقتلها بحثاً، ونؤلف فيها عدداً من الكتب، وتكون هي حديثنا في مجالسنا، وهي مجال للمنافرة والمنافسة بين الأقران وبين الطلاب، ويتلقاها صغار طلاب العلم قبل كبارهم؟ على حين أنك لا تكاد تجد من يتكلم مع الناس في قضية الصلاة، وأهميتها ومنزلتها من الدين، كلاماً يصل إلى قلوبهم ويخاطبهم ويخالط شغافهم، ويدعوهم إلى ارتياد المسجد في كل وقت! ولا تجد -مثلاً- من يتكلم عن قضية الخشوع في الصلاة، الذي هو روحها ولبها، بل إنك تجد من الفقهاء من يقول: إن الخشوع في الصلاة مستحب وليس واجباً! مع أن الصلاة التي لا يكون فيها خشوع وحضور قلب وإقبال، لا تؤثر في صاحبها تقوىً لله عز وجل، ولا خوفًا منه، ولا إقبالاً على الطاعة والعبادة، وإن كانت بكل حال، هي صلاة شرعية ما لم يرتكب فيها ما يبطلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015