النفور والتمرد والغلو في الانحراف

أما النتيجة الأخرى: فهي نتيجة عامة، وهي أن التشدد دائماً يحدث ضده، كما أن التساهل -كما ذكرنا- يحدث ضده، فينشأ نتيجةً لهذا التشديد جيل من الناس نافر من الدين أبيٌ متمرد عليه، وقد يغلو والعياذ بالله في الانحراف، ويحطم القيم والأعراف والمقدسات، وهذا كله نتيجة عدم الالتزام بأمر الله ورسوله.

فالجدير بالمسلم ألا يأخذ الأمر من الطرف، لا هذا ولا هذا.

فالدين ليس بالأهواء ولا بالشهوات، ولا بالميول ولا بالرغبات؛ بل الدين هو النص فإذا قال الله أمراً أو أمر به فيجب علينا ألا نظن أن في هذا لوناً من التشديد، وانظروا إلى قول الله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج:78] فقد أمرنا الله تبارك وتعالى أن نجاهد فيه حق الجهاد، وهذا أمر شديد على بعض النفوس؛ ولذلك عقب الله عز وجل عليه بقوله: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] ، وهذا التعقيب له معنيان: المعنى الأول: أن الجهاد في الله حق جهاده لا يعني أن يبذل الإنسان شيئاً فوق وسعه وطوقه؛ بل لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

الأمر الثاني: أن كل ما كلفك الله به من الدين فليس فيه حرج ولا تشديد، بل هو التيسير بعينه.

إذاً كل ما إذن كلما كلفنا به من الدين فهو يسر لا تشديد فيه، وكل ما سكت عنه فهو عفوٌ وإتيانه مباح وفق القواعد والضوابط الفقهية المعروفة لدى علماء أصول الفقه.

فالمسلم ليس له أن يزيد ولا أن ينقص.

وقد يقول قائل: فما الضابط في ذلك؟ وما الذي يحكمنا؟ فأقول: الذي يحكمنا هو النص إذا قال الله وقال رسوله بطل قول فلان وفلان من الناس، وليس لأحد قول مع قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الضابط وهذا هو الميزان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015