التشدد في العبادات

أما القسم الثاني: فهو في العبادات، وبالذات في الطهارة والصلاة، ثم في غيرها من سائر أمور الدين كالزكاة والصيام والحج وغير ذلك.

وهناك أناس كثيرون يوسوسون ويتشككون، فيقول قائلهم: لا أدري توضأت أم لم أتوضأ، وبعد أن ينتهي من الوضوء يبدأ عنده الشك هل غسلت وجهي أم لا، هل غسلت يدي أم لا، ثم إذا توضأ وتوضأ، وزال الشك بكل صعوبة جاء يصلي، فإن كان مع الإمام بدأ يجهر بصوته في قراءة الفاتحة، ويشوش على جيرانه، وإن كان منفرداً فالخطب أعظم وأطم، فتجده يجهر ويكرر الآية مراراً، فإذا أنهى الفاتحة كررها كلها، وإذا ركع مثل ذلك، وإذا سجد مثل ذلك، ثم قد يزيد الرباعية فيجعلها خمساً؛ لأنه شك هل ركع الركعة الأولى أم لا، ثم يسجد للسهو حتى يصل به الحال إلى صورة يكره معها العبادة؛ لأنه يتكلف ويجور على نفسه بالوضوء وبالصلاة، ولقد علمت من إنسان أن الأمر وصل به إلى ترك الصلاة لأنه صار يجهد حتى هم بترك أمور المعاش أو الدراسة، أو طلب العلم، أو طلب الدنيا المباحة، كل ذلك لأنه لم يعد له هم إلا أن يتوضأ، ثم يصلي، ثم يعيد الصلوات التي شك فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015