موقف الصدق والاتباع

أما الفئة الثانية: فهي فئة المؤمنين بهذا الدين المتبعين المصدقين لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء لهم من النور واليسر والخير والنعيم والنجاة في الدنيا والآخرة بقدر إخلاص والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وبقدر محبته، وهؤلاء -أيضاً- انقسموا إلى ثلاثة أصناف: الصنف الأول: من جهلوا أو تجاهلوا حقيقة هذه الآية: {رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] جهلوا معنى هذه الآية، وجهلوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالتيسير، فشددوا على أنفسهم، فشدد الله تبارك وتعالى عليهم، وأصابهم من الأسباب الشرعية والقدرية ما جعل كثيراً من أمورهم تصعب وتتعسر كما سنبين من خلال الحديث.

الصنف الثاني: من فهموا هذه الآية، ولكنهم نسوا حقيقة التيسير في الإسلام، وأنَّ التيسير في الحقيقة ليس بما تهواه النفوس، وتميل إليه القلوب، وتطمح إليه الشهوات، إنما هو بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فالآية نصت على أن الرسول صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة:128] أي: يشق عليه ما يعنتكم ويحرجكم وهو لم يأتكم إلا باليسر، نسوا هذا الأمر، ونسوا أن معنى الآية أن كل أمر في الدين فهو يسر، فوسعوا على أنفسهم بما لم يوسع الله به عليهم، وهؤلاء -أيضاً- لم يخلصوا المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

الصنف الثالث: هم الأمة الوسط أهل السنة والجماعة الذين جردوا المتابعة له صلى الله عليه وسلم، وتخلصوا من شهوات نفوسهم ورق قلوبهم، وأرغموا أنفسهم على المتابعة التامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المنشط والمكره، وفيما يحبون وفيما يكرهون، وفيما تهوى أنفسهم وفيما لا تهوى، وهؤلاء حقاً هم أهل المتابعة، وهم الذين حققوا معنى شهادة أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015