ثانياً: كثرة استعمال أيمان الطلاق على ألسنة بعض الجهال، وفي كل مناسبة، حتى إذ جاءه ضيوف وأصر عليهم، بالدخول فاعتذروا حلف بالطلاق أن يدخلوا.
وإن من الطريف مما يذكر في النكت -ومع الأسف أنه واقع وليس نكتة- يروى أن رجلاً أضاف أناساً، فجلسوا عنده، فجهز العشاء لهم، فقاموا وهموا بالخروج، فألح عليهم بالبقاء، فاعتذروا بأنهم مرتبطون بمواعيد، فأصر عليهم فأبوا، فقال لهم: اجلسوا وحلف عليهم بالطلاق من زوجاته إلا جلسوا، فقالوا: لا شأن لنا بك ولا بزوجاتك، نحن لا نستطيع الجلوس فقال: إذاً فانتظروا قليلاً، فذهب إلى المنزل وأحضر الكلاشينكوف وأشهره عليهم، وقال لهم: والله إن يخرج واحد منكم فإنني سوف أفجر رأسه، ولكن اذهبوا وكلوا الطعام، فذهبوا مضطرين وأكلوا وجبتهم، ولا أدري بأي شعور كانوا يأكلون! التهديد بالطلاق أيضاً عند أية زلة، وبقدر سرعة الرجل في القرار بالرغبة في هذه المرأة، أو الموافقة على الزوج منها، بقدر ذلك تكون سرعة الرجل في إيقاع الطلاق، إن الكثير من الرجال كلما قالت له المرأة شيئاً، قال لها: كذا أو الطلاق، اختاري كذا أو الطلاق، وهذا ليس من المروءة ولا من شيم الرجال، إذا كنت عازماً على الطلاق بعد دراسة وتأنٍ ومشورة واستخارة، وبعدما اقتنعت قناعة تامة أن الطلاق أرفق بك وبالمرأة، فإيقاعه هنا يتم كما أمر الله تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229] أما أن تعتبر أن الطلاق سيفٌ يشهر على المرأة، تهدد به في كل حين، فهذا ليس من الشرع.
ولا من العقل ولا من المروءة في شيء.