Q هل الهمة مطلوبة في طلب العلم؟
صلى الله عليه وسلم الهمة مطلوبة في كل أمر يعمله الإنسان، وما لم يكن عند الإنسان همة، فإنه لا يستطيع أن يصل إلى ما يريد، ولذلك لو نظرت إلى أي أمر من الأمور العادية لوجدت أن تحصيل الإنسان مربوط بعلو همته، فالذي يكون عنده قناعة بأي أمر من الأمور لا يواصل؛ لأنه إذا حصل على شيء ولو يسيراً اكتفى به.
خذ على سبيل المثال الأمور الدنيوية كالتجارة؛ لو أن هناك إنساناً يقول: أنا قنوع ولا أريد أموالا كثيرة، ويكفيني ما يعيلني وأولادي، لفتح محلاً متواضعاً يتناسب مع هذه الهمة الموجودة عنده، كذلك العلم الشرعي -وهو لا شك من المنافسات الشرعية التي يتنافس فيها أرباب الهمم العالية- قد تجد إنساناً يقول: أنا ليس لي طموح أن أحصل على علم كثير يستفيد منه الناس ويحتاجون إليه.
الله المستعان! ويأتي بعبارات تدل على خمول همته وخمودها، لكن يكفيني أن يكون عندي بصيص على الأقل لنفسي، فمثل هذا -بطبيعة الحال- لا يمكن أن يواصل الطلب، لأنه متى حصل على العلم الذي يخصه من علم فرض العين الذي يتعلق به من حيث الصلاة والطهارة والمعاشرة وما أشبه ذلك اكتفى به، وكلما علت همة الإنسان، كان لديه إمكانية أكثر في التحصيل.
والله تعالى قسم الهمم بين الناس، فقد تجد من الناس من تكون همته أن يصلح أهل البلد، ويوصل الخير إليهم جميعاً، وقد تجد آخر همته فوق ذلك قد يطمح أن يصلح أهل دولةٍ بأكملها، وربما تجد ثالثاً همته أن يصلح أحوال المسلمين بكاملهم، وليس بالضروري أن يحصل الإنسان على الهمة التي يتطلع إليها، ولكن بقدر همته يحصِّل، ولذلك كان يقال: وكن رجلاً رجله في الثرى وهامة همته في الثريا فكلما علت همة الإنسان كان أدعى وأكثر لتحصيله، ولعلكم تعرفون كلمة الإمام الشافعي رحمه الله التي قالها في مجال طالب العلم والإصرار عليه، يقول: سأطلب علماً أو أموتَ ببلدة يقل بها سفح الدموع على قبري أي أنه: سوف يصر على طلب العلم حتى يتغرب في بلاد لا يُعرف فيها بحثاً عن الحديث والسنة، فإن نلت علماً عشت في الناس سيداً وإن مت قال الناس بالغ في العذر إذا ما مضى يومٌ ولم أستفد يداً ولم أكتسب علماً فما ذاك من عمري وعلو الهمة في حياة السلف أمر عجيب، والكلام فيه يطول، لكن لا بد من وجود الهمة عند طالب العلم، وبقدر همم الناس يحصلون من العلوم بإذن الله تعالى.