المقصود أن حفظ نصوص القرآن والسنة هي نعمة كبيرة، لأنها تشكل -كما يقال- قاعدة يمكن الرجوع إليها عند التنازع، ما دمنا سلمنا بأن القرآن والسنة هما مصدر التشريع، فعند حدوث أي نزاع في مسألة علمية يمكن الرجوع إلى القرآن والسنة وفهم السلف الصالح لهذين المصدرين، فهذا لا شك جزء كبير من حفظ الله بالذات، لكن أيضاً لا ننسى أن من حفظ الله للدين، أن قيض لهذه الأمة من يربون الناس ويزكونهم، وإلا فما قيمة النص إذا كان لا يعمل به؟! ألسنا جميعاً نعلم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن يُسرى عليه في آخر الزمان في ليلة حتى لا يبقى في الأرض منه آية، وإذا أسري على القرآن فمعناه أن السنة قد ضاعت قبل ذلك بكثير، ولم يسرى على القرآن في ليلة حتى لا يبقى منه آية؟ لأنه تعطل العمل به، ولم يعمل به الناس، فلم يقيموا حياتهم الفردية والاجتماعية على منهاج القرآن الكريم، فلذلك أذن الله برفعه.
كما يأذن سبحانه بخراب الكعبة حيث يسلط عليها ذا السويقتين من الحبشة، فيقلعها بمسحاته حجراً حجراً -كما في الصحيحين- لأنه لم يعد هناك من يحج أو يعتمر أو يصلي إلى هذه الكعبة، وكما يأذن الله عز وجل بقبض أرواح الطائفة المنصورة الذين أقامهم لحفظ الدين وحمايته ودعوة الناس إليه، يأذن بقبض أرواحهم فيبعث ريحاً طيبة فتقبض أرواحهم؛ لأنه لم يعد هناك من يطيعهم ويتقبل ما عندهم من العلم والخير والصلاح، فرحمةً بهم يأذن الله بقبض أرواحهم قبل قيام الساعة.