عدم التعارض بين القرآن والسنة

فالقرآن والسنة مجتمعان، كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث المقدام بن معد يكرب وهو صحيح: {ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه} فهما مجتمعان لا يفترقان أبداً، أما أهل البدعة فإنك تجد أنهم يضربون القرآن بالسنة، ويضربون السنة بالقرآن، فإذا قلت لهم: هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: دعنا من هذا! القرآن يقول كذا وكذا.

ولا شك أنه لا يمكن أن نعارض السنة بالقرآن، ولا أن نعارض القرآن بالسنة، بل هما يجريان معاً على سنن الوحدة والوفاق، وما جاء من عند الله تعالى فإنه لا يختلف، فالسنة وحيٌ غير متلو، والقرآن وحيٌ متلوٌ، وليس القرآن معارضاً للسنة، ولا السنة معارضة للقرآن.

ولذلك تجد أن العلماء -كما قلت- يبوبون أبواباً للتفسير، وأبواباً لفضائل القرآن، وأبواباً لثواب القرآن، وأبواباً لفضائل السور، ليس هذا فقط، بل حتى وهم يتكلمون في أبوابٍ أخرى يسوقون الآيات المتعلقة به، وأبرز من يصنع ذلك هو الإمام البخاري حيث يصنع ذلك كثيراً في تفسيره، بل يجعل الآيات أحياناً عنواناً للباب، وعلى سبيل المثال لا الحصر في كتاب الجهاد مثلاً: باب: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة:52] .

باب: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:23] باب: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران:169] .

باب: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:95] .

باب: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان، {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران:64] .

باب: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد:4] .

وما ذكرت الآن إلا الأبواب التي فيها نص آية، أما الأبواب التي فيها ضمن الترجمة آية، ولكن الباب من عند المؤلف فإنني لم أسقه، وهذا دليلٌ على أن المسلم أو طالب العلم ينبغي ألا يضرب القرآن بالسنة ولا السنة بالقرآن، ولكن هناك من يعني بالقرآن فقط ولا يعني بالسنة، وهذا خطأ كبير؛ فإن القرآن وضع القواعد الكلية والمعاني العامة، والسنة جاءت بالتفصيلات التي لا تجعل للمبتدع أو الضال أو المنحرف مجالاً للتدخل في معاني القرآن الكريم، وكذلك: هناك من قد يقبل على السنة ويغفل عن القرآن الكريم، وهذا -أيضاً- خطأ آخر؛ فإن الإنسان ينبغي عليه أن يهتم بهذا وذاك.

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم هداة مهتدين، وأن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015