الانتساب لمنطقة أو إقليم أو غيرها

المثال الرابع: الانتساب لمنطقة أو إقليم، أو شعب من الشعوب، أو جزئية من الجزئيات.

فهذا نجدي، وهذا حجازي، وهذا غربي، وهذا شرقي، وهذا خليجي، وهذا شامي، وهذا مصري، وهذا عراقي، وهذا كذا هذه الانتسابات إذا كانت مجرد تعريف فلا تضر، وقد كان الصحابة ومن بعدهم يتعرفون بمثل هذه الأشياء، ولا يضير أن يقول الإنسان أنه من بلد كذا، لكن إذا تحولت -كما هو الواقع عند كثير من الناس- إلى نوع من العصبية, ونوع من الولاء على هذه النسبة؛ فإن هذا خطأ كبير، وقد تجد أن الكثيرين -مثلاً- إذا التقوا فيما بينهم أصبحوا يتبادلون النكت والطرائف المضحكة الدالة على تنقص الفئة الأخرى، فإذا اجتمعنا وكلنا من قبيلة معينة أو منطقة معينة، أو من جنسية معينة، لم نجد حرجاً أن نستطرد في إصدار الأحكام التعميمية أن أهل الإقليم الفلاني فيهم كذا وكذا، وأن القبيلة الفلانية فيها كذا وكذا، وأن الشعب الفلاني فيه كذا وكذا، ثم هذا يأتي بقصة، وهذا يأتي بنكتة، وهذا يأتي بتجربة مر بها وهكذا، حتى تشبعت نفوس الكثيرين منا بأنواع وألوان من الانفصال؛ قضت أو أضعفت من الأخوة الدينية القائمة بين المؤمنين.

ربما يستغل الأعداء هذا الكلام في كثير من الأحيان، كما نلاحظ -على سبيل المثال- أن القوى الغربية، وبالذات القوة الأمريكية المتغطرسة اليوم، التي إذا أردنا أن نسمي الأمور بأسمائها لقلنا إنها تسعى إلى إعادة استعمار العالم بشكل جديد، وإنها تضرب برأي الناس عرض الحائط، وتصر على مقاصدها وعلى اتجاهاتها وعلى نياتها، وإنها لا تبالي أن يموت الناس أو يحيوا، المهم أن تنفذ مآربها وأهدافها نلاحظ أنها كثيراً ما تعتمد على إثارة هذه الاختلافات وعلى توظيفها؛ من أجل تحقيق أهدافها ومآربها، وهذا يؤكد علينا أهمية أن نكون يقظين، وأن نحوّل هذا الكلام إلى واقع عملي في تجنب كل الأشياء التي تخدش من صفاء الأخوة الإيمانية.

ما بيننا عربٌ ولا عجمٌ مهلاً يد التقوى هي العليا خلوا خيوط العنكبوت لمن هم كالذباب تطايروا عميا وطني كبيرٌ لا حدود له كالشمس تملأ هذه الدنيا بأندونسيا فوق إيران في الهند في روسيا وتركيَّا آسيا ستصهل فوقها خيلي وأحطِّم القيد الحديديا ولست أبغي سوى الإسلام لي وطناً الشام فيه ووادي النيل سيان وحيثما ذكر اسم الله في بلدٍ عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بالرقمتين وبالفسطاط جيراني ولي بطيبة أوطان مجنحةٌ تسمو بروحي فوق العالم الفاني وما بريدة مهما لجَّ بي دمها أدنى إلى القلب من فاس وتطوان دنياً بناها لنا الهادي فأحكمها أعظم بأحمد من هادٍ ومن باني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015