مما صح في فضل الأذان

في هذه الليلة سنتحدث عن بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي وردت في فضل الأذان، وبعضها مشهور عند بعض الكُتّاب والمصنفين وغيرهم، وأود أن أقول في البداية: إن فضل الأذان ورد فيه نصوص كثيرة في الكتاب والسنة، فهو لا يحتاج إلى أن توضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث في فضله.

- فقد سبق معنا حديث أبي سعيد الخدري: {لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة} .

- وسبق حديث معاوية في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة} .

- وكذلك جاء في حديث أبي هريرة: {يغفر له مدى صوته} .

وفي كتاب الله تعالى قول الله عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33] جاء عن جماعة من السلف أن هذه الآية نزلت في المؤذنين، روى ذلك عبد بن حميد وابن مردويه وابن أبي حاتم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إلى اللَّهِ} [فصلت:33] قالت: المؤذن.

وعمل صالحاً، قالت: صلى ركعتين.

وهذا من باب التفسير بالمثال كما هو مشهور عند السلف، يفسرون الآية بالمثال، وليس المقصود حصر الآية في المؤذنين، ولا حصر العمل الصالح في الصلاة ركعتين، بل الآية عامة في كل دعوة وفي كل عمل صالح، لكن عائشة رضي الله عنها فسرتها بمثال وهو المؤذن، ومثل ذلك أيضاً جاء عن قيس بن أبي حازم رواه الخطيب البغدادي في تاريخه أنه قال: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً} [فصلت:33] دعا إلى الله، قال: المؤذن.

وجاء عن جماعة من الصحابة الإشادة بفضل الأذان ومكانته، أذكر منها بل ومن أعظمها وأجملها الكلمة التي سبقت عن عمر رضي الله عنه، والتي رواها سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي وسندها صحيح عن عمر رضي الله عنه أنه قال: [[والله لو كنت أطيق الأذان مع الخليفى لأذنت]] ويقصد بالخليفى: الخلافة التي وليها، وفي لفظ: [[لو كنت أطيق الأذان مع الخلافة لأذنت]] .

ومثله جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال لرجل: ما عملك؟ قال: الأذان.

قال: [[نعم ما تعمل! يشهد لك كل شيء]] والأثر هذا رواه ابن أبي شيبة في مصنفه.

وروى ابن أبي شيبة أيضاً عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: [[لأن أؤذن -أو لأن أقوى على الأذان- أحب إليَّ من أن أحج وأعتمر وأجاهد في سبيل الله]] .

وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه: [[لوددت أني أؤذن وأن لا أحج ولا أعتمر]] فدل على أن الأذان عندهم من أفضل الأعمال، حتى إنهم قد يفضلونه على نوافل العبادات من الحج والعمرة ونحوها، فالآذان له فضلٌ كبير في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي آثار الصحابة والتابعين هذا من جهة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015