الولوغ في المعصية

حدثوني أنك والغ في المعصية، حتى صارت المعصية جزءاً من حياتك وشخصيتك وتكوينك، وأنه لو عرف الناس حقيقة أمرك لاجتنبوك وباعدوك، وهجروك وقلوك، وأنك قد أفلحت في تزيين ظاهرك بعض التزيين، أما باطنك فتركته تلعب فيه المعاصي والآثام.

أصحيح ما بلغني عنك؛ أن المعصية تخايلك حتى وأنت واقف بين يدي الله تعالى في صلاتك؟ فذهنك شريد، وعقلك بعيد، كلما بحثت عن ذهنك وجدته على شفير زلة، أو على مشارف هاوية، أو قريباً من معصية، أو متأملاً أو متفرجاً.

أصحيح أن المرأة أصبحت صورةً دائمة بين ناظريك، وصوتاً هامساً يرن في أذنيك، ورسماً مطبوعاً في خيالك لا يفارقك؟ وإذا صدق الوشاة الذين حدثوني، فأنت تعدُّ ساعات النهار في هذا الشهر الكريم عدَّاً، وتتمنى مضيها وتزجيها بكل سبيل، ساعةً في نوم، وساعةً في شغل، وساعةً في تشاغل، كل ذلك ليقبل عليك الليل، فتنطلق من إسارك وتعمل ما يمليه عليك الهوى.

إذاً: لقد أصبحت المعصية إدماناً يجري في دمك، ويتخلل في عروقك، ويأكل معك ويشرب، وينام على فراشك ويستيقظ.

أو حقاً أنك تدير قرص الهاتف تبحث عن فريسةٍ مغفلة سهلة الاصطياد، وتتحمل في سبيل ذلك ألوان الإهانات؟ فحيناً تسمع صوتاً يلعنك، وحيناً يلعن والديك، وحيناً يصفك بأبشع الأوصاف، وحيناً يطلق عليك مُرَّ الدعوات، وأنت تتحمل ذلك كله في سبيلٍ هدف غير نبيل، وعملٍ غير شريف.

أو حقاً أنك لا تدع امرأةً تمر بك إلا حدقت فيها بنظرك، وأمعنت فيها ببصرك، حتى يتوارى عنك سوادها ويغرب عنك خيالها، ثم تتبع ذلك بالحسرات والزفرات؟ فإنك إن أرسلت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظر رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر أو حقاً أن أذنك تطرب لصوت فاجر يبثه مذياع، أو يرسله شريط الكاسيت؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015