أيها الأخ الكريم: إنني أذكر أننا التقينا يوماً من الأيام، فحدثتني أنت عينك ونفسك، عما تعاني من الكرب، والهم والغم والألم، ولو صدقتك لقلت لك: هذه ثمرات الذنوب، أفلا تتوب؟! ولقد نصحتك بالرجوع إلى كتب أهل العلم، وقراءة ذلك الكتاب النفيس الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي للإمام الفذ ابن قيم الجوزية، فاعتذرت مني بكثرة الشواغل والصوارف والعوائق، وأنا أرى أن هذه المشاغل ما صرفتك عن لذاتك وشهواتك، ولا منعتك من أسفارك وأعمالك، ولا حالت بينك وبين من تحبُ وتعشق، ولكنك اثَّاقلت إلى الأرض، ورضيت بالحياة الدنيا عن الآخرة، وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل.
إنني أجد نفسي مضطراً أن أقيم الحجة عليك الآن، في خمس دقائقَ أو قريبٍ من ذلك، وقد أعيتني فيك الحيلة، واعتذرت مني بشتى المعاذير، فها أنا أنقل لك بعض ثمرات المعاصي، فتحسسها في قلبك، واقرأها في دفتر حياتك، وتأملها فيما أصابك مما مضى وما حضر، وانظر عظيم نعمة الله عليك، حيث أمهلك ولم يعاجلك بالعقوبة: {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [النحل:7] .