ومن ذلك أن بعض المؤذنين يبالغون في تمطيط أصواتهم بالأذان مبالغةً ممقوتةً ممجوجةً، فإذا قال مثلاً: "لا إله " مده مداً طويلاً قد يزيد على عشر حركات أو اثنتي عشرة حركه أو أكثر، وكذلك قوله: (الله) (حي على الصلاة) (حي على الفلاح) يمدونه مداً زائداً شديداً يخرج بالأذان عن شرعيته وحكمته، وهذا لا أعتقد أنه يكون أذاناً مشروعاً صحيحاً، لأن الإنسان إذا مد مداً مبالغاً فيه خرج اللفظ عن اعتباره اللغوي ووضعه اللغوي.
ولذلك أذكر أن أحد الإخوة من الذين يمططون الأذان ويبالغون في ذلك، وكان في أحد المساجد في الرياض فأذن، وكان سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حاضراً لإلقاء محاضرة في ذلك المسجد، فلما انتهى من الأذان قام الشيخ -حفظه الله وبارك في عمره- وبين أن هذا ليس آذانا شرعياً، وبيّن الأذان، ثم أذن بنفسه حتى يُعلم غيره تعليماً عملياً، ولعله -والله تعالى أعلم- قصد إلى أمر آخر، وهو كأنه رأى أن الأذان الأول لا يكفي، فأذن عوضاً عنه، وهذا مجرد التماس مني، وقد يكون كذلك أو لا يكون، وبعض الناس يمدون الأذان مداً في غير محله، فمثلاً بعضهم يمدون بعد الهمزة يضعون ألفاً (آلله) فيقول: (آلله أكبر) مثلاً، وهذا لا يجوز، لأنه هنا كأنه أوجد عدة همزات، وكأنه صار استفهاماً، كما في قوله تعالى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل:59] فبدلاً من أن يكون خبراً أصبح استفهاماً، وهذا ولا شك أنه لحن يحيل المعنى، ولا يجوز.
وبعضهم يمدون الباء في قوله "أكبر" فيقول: أكبار! وهذا أيضاً لا يجوز، وقد ذكر أهل العلم أن هذا اللحن يحيل المعنى، وأن (أكبار) هذا له معنى آخر لا يليق ذكره بهذه المناسبة، ولا يليق أن يلحن الإنسان هذا اللحن الملبس، الذي فيه سوء أدب.
ومن أخطائهم: أن بعضهم إذا نطق باسم الرسول صلى الله عليه وسلم يضع مداً في غير محله، إما يضع واواً بعد الميم فيقول مثلاً: "موحمداً " أو يمد الحاء بعضهم فيقول " محامدا " فيضع بعد الحاء ألفاً وهذا كله كما سبق، يعتبر لحناً ومداً في غير محله، ومثله المد بعد الحاء في قوله: "حي" فبعضهم يضع بعد الحاء ألفا " حايّ " وكذلك في (اشهد) قد يضع بعد الدال واواً يشبع الضمه حتى يتولد منها واو فيقول " أشهدو أن "، ومثله أن بعضهم يشبع الكسرة في (إله) ، فيتولد منها ياء، فيقول "لا إيله إلا الله "، وكل هذه ناتجة عن الجهل، والعجمة، وعدم التعلم، وإن بعضهم قد يبالغ في تمطيط الأذان وتحسينه بصورة غير مشروعة.
وأحياناً أحدهم يبدل حرفاً بآخر، ومن أشهر الأشياء الموجودة عندنا -مثلاً- أن بعض الناس يقول: (وكبر) (الله وكبر) ، ولا شك أن هذا لحن ومحيل للمعنى أيضاً، فإن المعنى الصحيح (الله أكبر) وأكبر أفعل تفضيل مبدوء بالهمزة فبعضهم يبدلون الهمزة واواً فيقولون: " الله وكبر "، وكذلك بعضهم يبدلون الحاء هاء في قوله " حي " فيقول " هي " وبعضهم يبدلون العين، أو يحذفون العين فبدل من أن يقول: "حي على الصلاة" تسمع بعض المؤذنين وخاصة من العوام يقولون: "حي لها الصلاة " وهو معبر عنها بمعنى عندهم، ولكن اللفظ الوارد عن الرسول عليه الصلاة والسلام هو بعلى "حي على الصلاة " وبعضهم قد يبدلون الهاء حاء فيقولون: "حي على الصلاح " وهم لا يشعرون بذلك؛ فهذه كلها وأمثالها كثير من الأخطاء التي يقع فيها بعض المؤذنين إما من العامة وإما ممن أسلفت ممن يبالغون في تمطيط أصواتهم بالأذان وتحسينه بصورة ليست مشروعة.