Q يسأل عن عاصٍ يتوب، ثم يعود، ثم يتوب، ثم يعود؟
صلى الله عليه وسلم وهذا يختلف عن الذي قبله، لأن الإنسان في نفس المعصية يقع فيها ثم يتوب، ثم يرجع إليها، فما عقوبته؟ أقول: أولاً: التوبة مطلوبة، والشيطان يأتي للشاب من هذه الناحية.
فيقول له: تبت ثم رجعت! فإياك أن تتوب مرة أخرى، لأنك ستعود، فيثبطه عن التوبة، وهذا مدخل ومزلق ينبغي للطالب، وللمؤمن أن يتقيه، فلو عصيت الله تعالى بذنب مائة مرة، ثم تبت، فوقعت، يجب أن تتوب مرة أخرى.
أما ما يتداوله البعض: {ذنب بعد توبة أشد من سبعين ذنباً قبلها} فهذا ليس بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يصح عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم، بل إن الله تعالى لا يضاعف على عبده الذنوب، كما في صحيح مسلم {إن الله عز وجل يقول: إذا هم عبدي بسيئة فعملها، فاكتبوها عليه سيئة واحدة} وهذا من كمال عدل الله تعالى وكرمه أنه لا يضاعف على عبده السيئات.
وبناءً عليه فإن الإنسان وإن أذنب ثم تاب، ثم أذنب ثم تاب، ثم أذنب ثم تاب، يجب أن يتوب، فلعل الله تعالى أن يقبض روحه على توبة، والله تعالى لا يضاعف على عبده الذنوب والسيئات، وإنما يكتب عليه الذنب سيئة واحدة ولا يضاعف، وإنما يضاعف له الحسنات، كما ثبت ذلك في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم إن على هذا الشاب أن ينظر في أموره: ما سبب عودته إلى هذا الذنب؟ لا بد أن الأسباب موجودة، فبعض الناس يتوب بالندم، لكن الأسباب والمثيرات موجودة، فهي تدعوه مرة أخرى فيقع، ولذلك على الإنسان أن يفكر في الخروج من الأسباب التي توقعه في الذنب، فإن هذا من كمال التوبة، كما في الحديث المتفق عليه: {أن رجلاً قتل من بني إسرائيل تسعة وتسعين نفساً، فأتى إلى عالم فسأله، فقال له العالم: لا تعد إلى قريتك، فإنها أرض سوء، ولكن اذهب إلى قرية كذا وكذا، فإن فيها قوماً يعبدون الله تعالى، فاعبد الله تعالى معهم} .
فأمره أن يخرج من القرية التي هي السبب في وقوعه في الذنب.