السيطرة على الغريزة الجنسية

Q يسأل أحد الشباب عن كيفية السيطرة على الغريزة الجنسية؟

صلى الله عليه وسلم أقول: السيطرة على الغريزة الجنسية تتم بأربعة أمور: الأمر الأول: عن طريق رفع هذه الغريزة، وأن يسلك الإنسان بها المسلك الصحيح، وذلك بالزواج، فإن الله تعالى ما حرم شيئاً إلا أباح ما هو خير منه.

حرم الزنا وأباح الزواج، حرم الربا وأباح البيع، وهكذا، فعلى الشاب أن يحرص على الزواج: {يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج} فالزواج فيه منافع عظيمة، فيه سعادة النفس وسرور القلب، وتحقيق كمال شخصية الشاب، واعتماده بعد الله تعالى على نفسه، وتكثير النسل، والراحة النفسية، وإعفاف المؤمنات، إلى غير ذلك من الفوائد التي يطول حصرها، فهذا هو الطريق الأول: الزواج.

وعلى الشاب أن يفكر فيه بصورة جدية، ويعمل على تذليل العقبات التي تحول بينه وبين الزواج.

الوسيلة الثانية: هي وسيلة التبديل، يعني إذا لم يكن الزواج ممكناً لأي سبب من الأسباب، فيمكن أن يبدل الشاب هذا الأمر بتوجيه طاقته الوجهة المفيدة، ومن ذلك مثلاً: أن يشغل نفسه بالعبادة، من صلاة، وطلب العلم، وقراءة قرآن، وصحبة الأخيار، إلى غير ذلك، فإن الإنسان إذا أشغل نفسه بهذه الأمور صار اهتمامه موجهاً إليها، وبالتالي لا تكون الغريزة ملحة عليه بالشكل الذي يزعجه، أو يضايقه، أو يدعوه إلى الوقوع في الحرام.

ومن ذلك أيضاً الاشتغال بالصوم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء} فإن الصوم إضافة إلى أنه عبادة تقرب العبد من ربه، فإنه كذلك يضيق مجاري الدم -العروق- فيقل ثوران الغريزة في نفس الإنسان، والصائم لاشك أنه أقرب إلى ربه، ولذلك يبعد عنه الشيطان.

ومن ذلك: الاشتغال بالأعمال المباحة أيضاً، لو فرض أن الإنسان يصرف طاقته الجسيمة في عمل مباح، رياضة مباحة، أمور نافعة له في دنيا، فإن هذا أيضاً من الأشياء التي ينصح بها الشاب، ليصرف بها طاقته عما حرم الله عز وجل.

الوسيلة الثالثة: هي استخدام الوقاية، وأعني بالوقاية: أن يبعد الإنسان عن المثيرات التي تدعوه إلى الحرام، والمثيرات منها السوق، الخروج إلى السوق، ورؤية النساء المتبرجات والمتعطرات والمتزينات، ومنها مشاهدة المجلات الخليعة، مشاهدة التلفاز، أو الفيديو، وما فيه من مناظر تثير غريزة الإنسان، سماع الغناء، استخدام الهاتف فيما حرم الله عز وجل إلى غير ذلك من الأشياء التي تثير غريزة الشاب.

أما كون الشاب يعمد إلى إثارة الغريزة، ثم يقول: أين أروح؟! ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء هذا لا يكون، لابد أن يعمل الشاب على البعد عن المثيرات.

ومن البعد عن المثيرات: أن يقاوم الإنسان من أول الطريق، وذلك بغض البصر؛ فإن البصر من أعظم المثيرات، بل هو أعظم المثيرات: كل الحوادث مبداها من النظرِ ومعظم النار من مستصغر الشررِ كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوسٍ ولا وترِ يسر مقلته ما ضَّر مهجته لا مرحباً بسرور جاء بالضررِ ومعظم الجرائم تبدأ بنظرة نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ فعلى الإنسان أن يغض بصره عما حرم الله عز وجل، والنظر هو أول الطريق، ولـ ابن القيم كلام مفيد في النظر، مطبوع في رسالة مستقلة، وهو أيضاً موجود -أو جزء منه- في عدد من كتبه، منها كتاب: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، فينبغي لطالب العلم، وللشاب الذي يخاف على نفسه من الغريزة الجنسية أن يراجع هذا.

وعلى كل حال فبالتجربة تبين أن الإنسان إذا غض بصره نجح، فإذا أطلق بصره خاب، وخسر، وفشل: فإنك إن أرسلت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظرُ رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ إذا أطلقت بصرك فماذا يكون؟ أولاً: تتحرك الغريزة والشهوة، فيدعوك ذلك إلى المحادثة أو الإقدام أو الكلام.

ثانياً: يدعوك إلى التمييز بين النساء، فتقول: هذه جميلة، وهذه ذميمة، وهذه حسنة، وهذه ليست كذلك، وهذه كذا، وهذه كذا! فيصبح الإنسان ذواقاً، لا يقف عند حد، وسبحان الله! الغريزة الجنسية مثل النار، كلما وضع عليها الإنسان الحطب زادت اشتعالاً، مثل النار التي يضع الإنسان عليها البنزين مثلاً، كلما وضع عليها زاد اشتعالها.

ولذلك على الإنسان أن يحرص أشد الحرص على أن يكف بصره عما حرم الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور:30] {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:31] .

أعرف حالات عديدة، وقع فيها شاب أسير العشق الحرام، حتى انبرى بدنه ومرض وصار طريح الفراش، وربما قصَّر كثيراً في عباداته، وربما انحرف عن سواء السبيل، وكانت البداية نظرة محرمة! كما أنني أعرف من النساء من وقعت في مثل ذلك، وكانت البداية نظرة محرمة! فالحذر الحذر من النظر، فإنه أول باب، وأخطر باب، يجرك الشيطان من خلاله إلى الوقوع في الفواحش التي لا يعلم مداها إلا الله.

الأمر الرابع: هو العلاج، فإنه ما أنزل الله من داء إلا وله دواء، حتى بعدما يقع الإنسان، هناك إمكانية العلاج، والعلاج يكون بأمور كثيرة، منها: التوبة، الدعاء، الاستغفار، أين أنت من الاستغفار؟! إذا استغفرت الله تعالى بقلب صادق، فإن الله تعالى يغفر لك: {إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي} .

و {من لزم الاستغفار جعل الله تعالى له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب} فأكثر من الاستغفار.

ومن وسائل العلاج: صحبة الأخيار.

ومنها: الإقبال على العبادة.

ومنها: كثرة قراءة القرآن، إلى غير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015