أما على المستوى العام فإننا نتساءل جميعاً: أين التغيير الذي يجب أن تشهده الأمة؟! إذا كنا مؤمنين فعلاً بقول الله عز وجل: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:165] وقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41] وفي مواضع كثيرة يذكر الله عز وجل أن ما أصاب الناس فهو بسبب ذنوبهم، إذا كنا مؤمنين بهذا حقاً فلنتساءل ما هي الذنوب التي أقلعت عنها الأمة؟ قد يقول قائل: من الصعب أن تقلع الأمة بين يوم وليلة عن ذنوب كثيرة وقعت فيها.
فنقول: نعم، لنفترض أن هذا الأمر صحيح، هل بدأت الأمة تضع قدمها في الطريق الصحيح؟ هل بدأ المسلمون الآن سواء مسئوليهم أو تجارهم أو خبراؤهم أو مختصوهم، هل بدءوا -مثلاً- بإنشاء المستشفى المتخصص للنساء؛ ليكون بديلاً عن الاختلاط الذي يملأ مستشفياتنا؟ ويكون هذا بداية لتوبة صادقة إلى الله عز وجل من معصيته مما يقع في مثل هذه المؤسسات، هل حدث هذا؟! هل بدأ المسلمون بإقامة المؤسسات المالية السالمة من شبهة الربا، ولو مجرد بداية لتكون بعد حين من الزمان بديلاً عن البنوك الربوية التي تحارب الله ورسوله؟ هل بدأ المسلمون بتأصيل مناهج الإعلام الصحيح القائم على تعبئة الناس تعبئة شرعية، ورفع معنويات الناس، ورفع أخلاق الناس، وربط الناس بالدين، ليكون ذلك ولو بعد حين بديلاً عن الإعلام الهابط الذي يهيمن على العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه؟ هل بدءوا بمواجهة ما يسمى بالبث المباشر الذي أصبح يهدد المسلمين من كل مكان، والذي يخشى معه أن تصبح سماء المسلمين تمطر عليهم من هذه البرامج التنصيرية، وبرامج الفساد، والإلحاد، والتخريب، وحتى الإخلال بالأمن يمكن أن يأتي من خلال هذه البرامج وغيرها؟ هل بدأ المسلمون فعلا تحركاً صادقاً جاداً في التوبة إلى الله تعالى؟ أليس بعض العلماء يقول: إن الذي يقول: "أستغفر الله" وهو مصر على ذنبه هو كالمستهزئ بالله عز وجل؟! فلماذا نقول أحياناً بألسنتنا: "نستغفر الله" ونحن مصرون على ذنوبنا، سواء كانت ذنوبنا ذنوباً فردية، أم كانت ذنوباً اجتماعية عامة؟