بوارق الأمل

أيها الإخوة! ليس هذا الأمر مدعاة لليأس أبداً! وكيف ييئس من معه كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! كيف تيئس أمة معها خبر ثابت صادق لاشك فيه من رسول الله عليه الصلاة والسلام أن هذه الأمة باقية إلى قيام الساعة؟ إنها ظاهرة منصورة إلى قيام الساعة! كيف تيئس أمة معها خبر أنها هي التي سوف تقاوم زحوف الكفر والإلحاد والتي يكون آخرها المسيح الدجال؟! كيف تيئس أمة قال فيها نبيها صلى الله عليه وسلم: {أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره} ؟! كيف تيئس أمة ذكر لها نبيها الصادق المصدوق، الذي تؤمن به وتحبه صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة سوف تهيمن في آخر الدنيا، وتذل لها الرقاب، وتحكم الدنيا، ويضرب الحق بجذوره في الأرض، وسوف تملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت من قبل ظلماً وجوراً؟ كيف تيئس أمة معها هذه النصوص؟ كيف تيئس أمة تقرأ في قرآنها: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:33] ؟! كيف تيئس أمة تقرأ في قرآنها قوله عز وجل: {وَلَيُبدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوفِهِمْ أمناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور:55] ؟! كيف تيئس أمة تقرأ في قرآنها {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:40-41] ؟ كلا لن تيئس أبداً! لكن الأمر الذي يدعو إلى التساؤل: هل هذه المحن التي تعيشها الأمة الآن بداية لتوبة صادقة إلى الله عز وجل؟! فمعنى ذلك أن هذه الأمة سوف تدخل حياة وبداية صحيحة.

أما إذا ظلت الأمة على ما هي عليه على مستوى الأفراد والفئات والدول، فمعنى ذلك أن هذه الأمة بحاجة إلى دروس جديدة، وفي حاجة إلى صفعات جديدة، وضربات جديدة حتى تعي -وسوف تعي- وإن لم تع اليوم وعت غداً، وإن لم تع غداً وعت بعد غد؛ لكن من الخير لهذه الأمة أن تدرك أنه لا قيام لها إلا بالإسلام.

فلقد طرقنا كل الأبواب، ومددنا أيدينا إلى كل الأمم، فما رجعنا منهم إلا بالخيبة، والهزيمة، والفشل، وعرفنا ماذا يخبئ لنا العالم كله، إنه في الوقت الذي يرفع يده بالسلام يعد أسلحة الفتك والدمار.

ومع ذلك ما زالت هذه الأمة تتسول منهم، وتأخذ منهم الأفكار، وتأخذ منهم النظريات، وتأخذ منهم التصنيع، وتأخذ منهم كل شئ، وتفتقر إليهم في كل شيء هذا ما عند العالم لهذه الأمة.

وما بقي للأمة إلا باب واحد، وإذا طرقت هذا الباب فإنه سيفتح لا شك؛ لأنه باب مجرب، ألا وهو باب الله عز وجل! وهو باب التوبة إلى الله! وهو باب الصدق مع الله! باب الرجوع إلى الله! لابد من مراجعة الحسابات على كافة المستويات لنعرف مدى قربنا أو بعدنا مما يريد الله تعالى منا.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لى ولكم، فاستغفروه من كل ذنب يغفر لكم ويتوب عليكم، إنه هو الغفور الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015