مقولة خاطئة نسبت إليَّ

Q ينسب إليك -أحد الإخوان- أنك قلت أن أربعين حديثاً في صحيح البخاري ضعيفة، فهل تلك النسبة صحيحة؟

صلى الله عليه وسلم هذا من عجيب ما ينسب، والحقيقة أن هذا ليس بصحيح، ولا أصل له، بل إن جميع ما في البخاري من الأحاديث الموصولة فهو صحيح، والشيء الذي أراه بهذه المناسبة أنه يجدر بطلاب العلم والمشتغلين بالسنة النبوية والحديث النبوي، ألا يزعزعوا ثقة الناس بالصحيحين، بل يعملوا على زرع الثقة ودعمها بهذين الكتابين الجليلين، الذين صنفهما إمامان مجتهدان ووافقهما على تصحيح ما فيهما غيرهما من الأئمة في عصرهما، فمثلاً الإمام مسلم ذكر أنه عرض صحيحه على أبي زرعة فوافقه على ما فيه، وبناءً عليه ندرك أنه ولو وجد من ضعَّف أحاديث في مسلم؛ يقابله أئمة آخرون صححوها.

أما من أين جاءت هذه الكلمة التي نسبها الأخ فلا أعلم لها أصلاً، إلا شيئاً واحداً، لعلكم تعلمون جميعاً أن في البخاري أحاديث معلقة، وهذه الأحاديث المعلقة والآثار أيضاً هي ما يرويه البخاري في تراجم الأبواب، من أقوال غير موصولة، وغير مسندة، أحياناً يقول: باب، ثم يقول قال فلان كذا، مثلاً -باب العلم الصالح قبل القتال، وقال أبو الدرداء: [[إنما تقاتلون بأعمالكم]] وهذا فيه ليس أربعين، بل فيه مئات الأحاديث، والآثار المعلقة في صحيح البخاري، هذه الآثار المعلقة لا يصلح أن تقول في واحد منها: رواه البخاري وتسكت، فهذا خطأ علمي، بل لا بد أن تقول: رواه البخاري تعليقاً، لأن البخاري لم يسقه مسنداً محتجاً به، إنما ذكره بغير إسناد، وقد يذكره أحياناً بصيغة التمريض، فيقول: روي، وحكي، كما قال: ويذكر عن جرهد الأسلمي {الفخذ عورة} وهذه صيغة تمريض تعني ضعف الحديث عند البخاري، ومع ذلك ذكره بهذه الصيغة، ومع هذا لا يقال: رواه البخاري، ولا يقال: إنه في صحيح البخاري، إلا بشرط أنه معلق.

فهذه المعلقات فيها الصحيح على شرط البخاري، وفيها صحيح يتقاعد عن شرط البخاري، وفيها الحسن لذاته ولغيره، وفيها الضعيف الذي وجد ما يجبره من جهة أخرى، وفيها الضعيف الذي لم يوجد ما يجبره، وقد قسم هذه الأقسام تقسيماً لا مزيد عليه الحافظ ابن حجر في كتابه النكت على علوم الحديث لابن الصلاح، فليراجعه من شاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015