لا تعارض بين العبادة والعلم والدعوة

Q يعتقد كثير من الشباب أن التفرغ لطلب العلم، وللعبادات والنوافل، مقدماً على الاجتماع بالرفقة الصالحة، وذلك واضحٌ بالنسبة لمن تمضي عليه فترة ليست بالقصيرة، فما رأيكم بأسباب هذا، وجزاكم الله خيراً؟

صلى الله عليه وسلم هذه الأمور -أيها الإخوة- ليس بينها تعارض ولا تضارب، أي لا ينبغي أن نضرب أمور الشرع وأعمال الدين بعضها ببعض، أو نزيد ببعضها على حساب البعض الآخر، بل ينبغي للإنسان أن يكون متوازناً، وكما أن التوازن مطلوب في العقيدة، بين الحب، والخوف، والرجاء، فكذلك هو مطلوب في الأعمال والسلوك، بين العلم والدعوة، والعبادة، وغيرها من المشاق، والتوازن عزيز في الناس اليوم، فأنت تجد منهم من يقصر في شئون البيت بحجة الانشغال بالدعوة، ومنهم من يقصر في طلب العلم بحجة الانشغال بالدعوة، ومنهم من يقصر في العبادة بحجة الانشغال بالدعوة، ومنهم من يقصر في الدعوة بحجة الانشغال بهذه الأشياء.

ونقول: إن الذي فرض هذه الأمور وشرعها هو الله عز وجل، والمكلف بها هو كل مسلم، فيعمل منها بالمستطاع، ويوفق بينها، والتوفيق بين هذه الأمور ليس متعذراً لمن أوتي الحكمة، قال تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} [البقرة:269] لكن على الشاب أن يحذر من ردود الفعل، وهذه كلمة سبق أن حذرت منها، وأشرت إليها، وهي الحذر من ردود الفعل، لا يحملك التقصير السابق في جانب معين على أن تحاول أن تعوض على حساب جانب آخر، فإن كنت مقصراً -مثلاً- في الدعوة إلى الله مشتغلاً بالعلم، فليس العلاج هو أن تترك العلم جانباً وتتفرغ للدعوة، بل استمر على ما أنت عليه من طلب العلم وفي نفس الوقت حاول أن تبذل ما تستطيع من جهود في مجال الدعوة إلى الله، وهكذا في بقية الأعمال الأخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015