الاجتماع على الخير

الوسيلة الرابعة هي: الاجتماع على الخير، ونخن نعرف ونجد من ضرورات نفوسنا أن الإنسان قد ينشط للعبادة إذا كان في ملأ أكثر مما ينشط لها إذا كان بمفرده، ولذلك تجد من الإقبال على القيام في رمضان، في صلاة التراويح والقيام ما لا تجده في غيره، وتجد أن الله عز وجل شرع الجماعة في كثير من العبادات، في صلاة الجماعة، والعيدين، والكسوف، وغيرها، وكالحج، وتجد أن المسلمين يقومون بالعبادات في وقت واحد، فيصومون في وقت واحد، ويقفون بعرفة في وقت واحد، وهذا مدعاة لقوة فعل الإنسان للطاعة، وإقباله عليها، ولذلك تجد الإنسان حين يصوم في رمضان، يجد من القوة والإقبال على الصيام ما يجد، لكن حين يصوم نفلاً بعده يشعر بثقل هذا الصيام، أو بثقل الجوع والعطش، أكثر مما كان يشعر به من قبل.

فالاجتماع على الخير من أسباب الإقبال على العبادة، والنشاط فيها، ومن ثم زيادة الإيمان، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يقول بعضهم لبعض: [[تعال بنا نؤمن ساعة]] قالها عمر ومعاذ بن جبل وعبد الله بن رواحة وقالها غيرهم رضي الله عنهم أجمعين، وأخذها عنهم التابعون كـ علقمة وغيره، فكانوا يقولون: هلموا بنا نؤمن ساعة، وربما جلسوا فقرأ أحدهم على الآخر سورة (العصر) ثم انصرف، مع أنهم مؤمنون أصلاً، لكن المعنى أن نقوي إيماننا.

فعلى الإنسان أن يحرص أن يجد في المؤمنين من يحبه في الله عز وجل، ثم يحاول أن يحقق ثمرات هذه المحبة بالاجتماع على الخير، والتزاور، والتباذل والتناصح في ذات الله تعالى، وهذه الأشياء من أهم الوسائل في تثبيت قلب الإنسان.

مثلاً: لو افترضنا أن شخصاً من جمهور المسلمين عاش في وسط قوم غير مسلمين، ما أسهل أن ينتكس عن دينه، لأنه لا يجد من يعينه، بل كثير من العوام هذا شأنه، لكن لما يجتمع بعضهم مع بعض، ويجدون من يقوي إيمانهم، ويجدون من يقتدون به، حينئذٍ يستمسكون بدينهم، ويثقون بما هم عليه، فتسلم لهم عقيدتهم.

فالإنسان حين يوجد في جو طيب، ويجد من يعينه على الخير، فإن هذا من أقوى الوسائل لتثبيت إيمانه، وعدم ارتداده عنه، ثم هو من وسائل تقوية هذا الإيمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015