الوسيلة الثالثة من وسائل تقوية الإيمان هي: العلم، والعلم أنواع: منه العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته، وما يجب له، وهذا العلم من أقوى أسباب تقوية الإيمان إذا سلك الإنسان إليه الطريق الصحيح، فإن معرفة الله عز وجل، ومعرفة أسمائه وصفاته تورث حبه ورجاءه وخوفه، ولا بد من ذلك، ولذلك قيل: من كان بالله أعرف كان منه أخوف، فإذا عرف العبد ربه من خلال القرآن الكريم، والحديث الصحيح، وجد في قلبه حب الله وخوفه وتعظيمه، ولهذا فإن أول مصدر يجب أن يتلقى عنه الشاب العقيدة في الله تعالى، ورسله، واليوم الآخر، والقدر، هي النصوص الشرعية، لأنك تجد في القرآن الكريم من التعريف بالله تعالى ما هو مدعاة لإثارة الأعمال القلبية كالحب والخوف والرجاء والتوكل، وهذا قد لا تجده في كثير من المصنفات الأخرى التي وضعها الناس، وهذا أمر طبيعي، بل لا تجدها في شيء من المصنفات قط.
فعلى الشاب أن يتعرف على الله من خلال القرآن والسنة، ثم يحرص على معرفة الله، وأسمائه، وصفاته، والعقائد الصحيحة، من خلال كتب أهل السنة والجماعة، لكن هاهنا أمر يجب التنبه له، ألا وهو: أن المعرفة التي تورث قوة الإيمان ليست هي المعرفة العقلية المجردة، فكثير منا الآن يمكن أن يسرد مثلاً مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة، والرد على الطوائف المنحرفة، كالمعتزلة، والجهمية، والأشاعرة، والجبرية، والقدرية وغيرهم، في أبواب الأسماء والصفات، وأبواب الإيمان والقدر، والنبوات، وفي سواها، لكن هذا العلم لم يصل بعد إلى قلبه، فعليه أن يدرك أن من معه هذا العلم فإن الحجة عليه قائمة، فعليه أن ينقل هذا العلم من كونه علماً في الورق، أو في لسانه، أو عقله فقط، إلى كونه علماً يصل إلى قلبه، فيحدث عنده حب الله، وخوفه، ورجاءه، والإقبال على العبادة، والدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
والنوع الثاني من العلم الذي يزيد الإيمان أيضاً هو: العلم بتفاصيل أمور الشريعة، كمعرفة الحلال والحرام، وهذا أيضاً يزيد الإيمان، ويزيد الإيمان من حيث أن الإنسان كلما علم حكماً جديداً، فآمن به وسلم له؛ زادت كمية الأحكام التي يؤمن بها من جهة، ومن جهة ثانية فهو سيعمل بهذا الحكم، ويدعو إليه، ويؤيد من عمله، وبذلك يقوى إيمانه ويزداد.