Q فضيلة الشيخ: ما المقصود من العجب بالنفس؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
صلى الله عليه وسلم المقصود بالعجب هو أن يرى الإنسان عمله، ويشعر بحجم عمله، ويحس بأنه قدم شيئاً، ويتعاظم هذا الشيء الذي فعل، فالجدير بالإنسان أصلاً هو أن يعمل كل ما يستطيع، ويستصغر ويحتقر هذا العمل الذي عمله، أما أن يعمل الإنسان ثم يتعاظم هذا العمل؛ فكأنه يمنُّ به على الله عز وجل، ويعجبني أن أسوق لكم بهذه المناسبة رواية وإن كانت من الروايات الإسرائيلية ولست أستحب سوق الروايات الإسرائيلية، لأننا نجد في القرآن والسنة ما يغنينا عنها، إنما أحياناً يكون فيها طرافة وفيها شَدٌّ للناس.
يروى في الروايات والحكايات الإسرائيلية ولاشك أن معناها صحيح قطعاً: أن رجلاً من بني إسرائيل كان يعبد الله عز وجل ستين سنة، ويسأل الله حاجة من الحاجات، فلم يجيب الله عز وجل دعوته خلال ستين سنة، وما لبىّ الله طلبه ولا أجاب إلى هذه الحاجة التي يدعو الله عز وجل أن يحققها له، فلما بلغ ستين سنة وصلى يوماً من الأيام نظر إلى نفسه نظرة المقت والازدراء، وقال وهو يخاطب نفسه: والله لو كان لك عند الله منزلة لأجاب حاجتك، فهذا دليل على احتقاره نفسه فسمع منادياً يناديه: إن احتقارك لنفسك في هذه اللحظة أعظم عند الله من عبادتك ستين سنة.
وكلكم تعرفون ما في الصحيحين من قصة أبي سعيد وأبي هريرة في قصة الإسرائيلي الذي لم يعمل خيراً قط، فلما قرب الموت جمع بنيه، وقال: يا أولادي كيف كنت لكم؟ قالوا: كنت لنا خيراً.
قال: فإني لم أعمل خيراً قط، فإذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني، ثم انظروا يوماً شديد الريح فذروني فيه، فوالله لإن قدر الله عليّ ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فأمر الله عز وجل هذا المخلوق فاجتمع بين يديه، فقال: ما حملك على ذلك يا عبدي؟ قال: مخافتك يا رب، فغفر الله عز وجل له.
فأقول: الخوف الشديد في القلب، ومقت النفس، وازدراء العمل هي أعظم بضاعة يقدم بها الإنسان إلى الله عز وجل أما أن يعجب الإنسان ويرى أن ما يعمله عملاً طيباً، وكبيراً وكثيراً إلى جنب الله، فهذا كفيلٌ بإحباط هذا العمل وخسرانه له، أسأل الله لي ولكم السلامة.