Q سماحة الشيخ: أنا شاب أصلي جميع الصلوات الخمس والحمد لله، ولكن التقصير في الصلاة يلاحقني دائماً، فأرجو من سماحتكم أن تبينوا لنا الطريق الصحيح لكي يعي الإنسان ما يقوله في صلاته والله يحفظكم؟
صلى الله عليه وسلم أريد أن أعلق تعليقاً بسيطاً.
أولاً: يسمى الإنسان شيخاً، ثم يتطور الأمر فيصبح فضيلة الشيخ، ثم يزداد الأمر عظمة فيصبح سماحة، وأقول رويداً على الشيء هذا.
أما الجواب على السؤال فأقول: بين الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح في البخاري وغيره، أن الشيطان إذا أقيمت الصلاة أدبر، فإذا انتهى التثويب أقبل، حتى يحول بين الإنسان وبين صلاته، يقول له: اذكر كذا اذكر كذا، لما لم يكن يذكر.
فعلى الإنسان أن يستعيذ بالله أيضاً من الشيطان الرجيم، وعليه أن يحرص على التفكير في معنى ما يقرأ من القرآن أو الأذكار، وعليه أن يحرص على ألا تكون صلاته وقراءته أمراً مألوفاً، أكثر الناس الآن يصلي ولو سألته بعدما ينتهي من الصلاة ما هي السور التي قرأتها لم يدرِ، لأنه تعود آلياً أن يقرأ سوراً معلومة بعدما ينتهي من الفاتحة، وهو نفسه ينتهي منها دون أن يشعر بأنه قد بدأ فيها، فيعود الإنسان نفسه أن يختار سوراً، يختارها ويغيرّ يوماً بعد يوم.
يقرأ -مثلاً- آخر القرآن، من أول جزء عمّ، ومن أوسطه، ومن آخره، ومن جزء تبارك، ومن غيرها مما يحفظ من السور الأخرى، فيغير ويحاول أن يفكر في معنى الأدعية والأذكار التي يقرأها، ويحاول أن يبعد الشواغل المادية.
فإذا كان أمامه في جهة القبلة أشياء، أو في جهة موضع سجوده تشغله وتشد تفكيره، فيحاول أن يتخلص منها، وأهم من هذا أن يحاول أن يبعد الشواغل القلبية، فإذا كان القلب مشغولاً مشتتاً موزع الهموم هنا وهناك؛ فمن الطبيعي ألا يكون فيه موضع للذكر والتأمل، ويشبه بعض العلماء القلب المشغول بالإناء المملوء، فيقول: أرأيت لو أتيت بإناء وملأته بالتراب، ثم أردت أن تضع في هذا الإناء عسلاً -مثلاً- تجد العسل لو وضعته فوق التراب ينسكب يمنة ويسرة في جانب الإناء ويبقى التراب في مكانه.
فلا بد من التخلية وهي أن نحاول أن نخلي قلوبنا من الشواغل قدر الإمكان، ولا أطلب صورة مثالية، لكن جاهد نفسك قدر ما تستطيع، المهم ألا تستسلم، وفرغ قلبك من الشواغل، ثم حاول أن تفكر -كما قلت- وحينئذٍ ستجد للعبادة لذة، وستجد للصلاة حضوراً ومعنى في حياتك، ولذلك وصف الله عز وجل المصلين بصفات عظيمة في القرآن الكريم، كما في سورة (سأل) وغيرها.