فالأمر الثاني الذي يمكن أن يقع فيه الإنسان إذا سلم من المعصية هو: العجب، وهو الغرور بالنفس، والإعجاب بها، وهذا الغرور كفيل بإحباط الأعمال الصالحة التي تَعِب الإنسان وكدَّ في تحصيلها، ولذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم} .
ومن معاني هذا الحديث -والله أعلم-: أن الإنسان معرض للذنب بكل حال، ولا ينفك عنه الذنب، ولذلك ورد في حديث آخر إسناده، كما قال الهيثمي حسن، ورواه البزار عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك: العجب} .
النقطة الثانية التي يمكن أن يعرّض لها الإنسان لو أطاع الله هي: أن يعجب بعمله! ولا شك أن العجب معصية، ولكنها معصية ليست للفساق، فالفاسق لا يعجب بعمله، لكن المطيع العابد يمكن أن يعجب بعمله فيحبط عمله.
وفي صحيح مسلم أن رجلاً من بني إسرائيل كان مسرفاً على نفسه، غارقاً في المعاصي، وكان هناك رجل آخر طائع عابد لله عز وجل، فقال هذا الرجل الطائع للرجل العاصي: والله لا يغفر الله لك، أو أنى يغفر الله لك، فأحبط الله عمل هذا العابد وأدخل ذاك الجنة.
هذا معنى الحديث.