الكلام المذموم

لكن إن كان حب الحديث وحب الكلام مصروفاً في أمور أخرى؛ في القيل والقال والنيل من أعراض الناس به في المجالس والتحدث والاسترسال والغيبة والنميمة وما أشبه ذلك، فلا شك أن هذا من الكلام المذموم الذي يكرهه الله تعالى ويبغضه، وبما لا تجد المرأة ما تشتغل به من الخير، لأن الإنسان كما يقال: لا يترك شيئاً إلا بشيء، فطبيعة الإنسان إذا لم تشغل نفسك بالخير شغلتك النفس بالشر، فاللسان مخلوق كي يتحرك، ما خلق للسكوت، مخلوق للكلام، والإنسان قد يسكت بذكر الله والتفكر فيؤجر، وقد يتكلم بذكر الله فيؤجر أيضاً، فاللسان يتحرك، فإذا لم يتحرك في الخير تحرك في الشر، وما أسهل أن تتكلم الفتاة بالخير حتى وهي ذاهبة أو آيبة أو تشتغل بعمل منزلها أو تركب أو تأتي أو تذهب، تقول: سبحان الله، ولا إله إلا الله، والحمد لله، والله أكبر، أستغفر الله وأتوب إليه، رب اغفر لي، وما أشبه ذلك.

فتؤجر أو تقرأ شيئاً من القرآن فتؤجر، مع أنه ما عاقها عن عمل، وربما إذا لم تشتغل بهذا شغلتها نفسها بالكلام فيما لا يفيد، لا أقول: بالكلام فيما لا يفيد فقط، بل ربما شغلتها نفسها بالكلام فيما يضر، وفيما يكون عليها، لأن الكلام ثلاثة أنواع هناك كلام يكتبه ملك الحسنات لكِ تؤجرين عليه، وهناك كلام يكتبه عليكِ مثل الغيبة والنميمة والسب والشتم ورفع الصوت والإيذاء والسخرية والكلام الذي يضر الإنسان، فهذا على الإنسان ويحاسب عليه، والنوع الثالث من الكلام: كلام ليس للإنسان وليس عليه، مثل قوله للإنسان: فعلت وأكلت وشربت وما أشبه ذلك من الكلام المباح الذي يكتبه الملك، ثم بعد ذلك يمسح وليس هناك شيء لا يكتب، قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] .

إذاً: من طبيعة المرأة حب الكلام، لكن حب الكلام ليس عيباً، لأنه قد يكون كلاماً مفيداً، فتؤجر عليه المرأة، وقد يكون كلاماً ضاراً، فتأثم عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015