نأخذ مثالاً في كون الجمال يمكن أن يتحول إلى شيء سلبي: تجدين أن بعض الفتيات يصبح هم الجمال عندها هو كل شيء، حتى لو حسبت الوقت التي تقضيه الفتاة في التجمل وصبغ وجهها بالأصباغ، وتسريح الشعر، وتغيير الثياب وتبديلها وتزيينها، لربما وجدت أنها تصرف نصف الوقت أو أكثر على العناية بالجمال، في مظهرها، في شكلها، في وجهها، في شعرها، في ثيابها، في كل شيء، وربما بسبب انشغالها بالجمال الشكلي هذا، أغفلت الجمال الحقيقي، جمال الروح، جمال الخلق، جمال العقل، جمال العلم، فإذا فتشت هذه الفتاة هل عندها علم وثقافة؟ ما وجدت شيئاً، وهل عندها معرفة بشئون النساء؟ ما وجدت شيئاً وهل عندها أخلاق فاضلة؟ لا، وهل عندها فصاحة وبلاغة وبيان؟ لا، إنما كل همها تركز على العناية بالجمال الظاهر، فأجحفت بسبب الانشغال به في الجمال الحقيقي المهم، فهي تكون مثلما لو جاءت امرأة أو جاء رجل بكوب مصنوع من ذهب، أو من برونز، أو من كريستال، أو أي معدن من المعادن، ثم وضع في هذا الكوب شيئاً من الخمر أو من الماء الكدر، يكون المضمون سيئاً، والصورة جيدة في الظاهر.
ماذا يفيدنا -إذا كان مضمون الكوب الذي بداخله ماء كدر أو خمر أو ما أشبه ذلك- أن يكون هذا الكوب جميلاً، وما في داخله خبيثاً؟ لا ينفع شيئاً، فكذلك المرأة إذا كان همها العناية بالجمال الظاهر مع إهمال الجمال الباطن صارت هكذا، أي كما يقال: ديكور في الظاهر، لكن في الحقيقة خواء لا شيء فيه، وهذه مشكلة.
فالإفراط في العناية بالجمال هو صورة سلبية بهذا الشكل.
من الإفراط في العناية بالجمال بصورة سلبية أيضاً: أنكِ قد تجدين بعض النساء تهتم بالعناية بجمالها لغير ما خلقه الله تعالى له، لأن الله تعالى خلق الجمال في المرأة حتى يتمتع به من أحلها الله له، ولذلك سميت حليلة زوجها، لكن قد تجدين كثيراً من النساء تهتم بالجمال والمظهر والشكل، ثم تخرج بعد ذلك إلى السوق حتى تلفت إليها نظر الرجال والغادين والرائحين والباعة والمشترين وغيرها، أو حتى تخرج إلى حفل زواج، فتلفت أنظار النساء الأخريات حتى يتحدثن ويتهامسن ويشرن إلى فلانة، فهذه مشكلة؛ لأن الجمال حينئذٍ في غير ما خلقه الله له، وربما تكون هذه المرأة نفسها حين تكون متزوجة إذا كانت في بيتها وعند زوجها لا تهتم بجمالها مثلما تهتم به إذا كانت خارجة للسوق أو إلبى حفل زواج أو إلى مناسبة، فهذا جانب سلبي في العناية بالجمال.