الاهتمام الإيجابي بالجمال

الجانب الآخر: هو الجانب الإيجابي.

فأن الله عز وجل فطر المرأة على قدر من الاهتمام بالجمال لا تلام عليه، وكون الإنسان يهتم بمظهره، بشكله، بثيابه، بنظافته، في بدنه، في حذائه، في بيته، في دروسه، في أي شيء، يهتم بالنظافة فهذا مطلب شرعي، ولا يلام عليه العبد، وليس صحيحاً.

ما يقع في أذهان كثير من الفتيات أن الفتاة الملتزمة المتدينة يجب أن تكون بعيدة عن العناية بشكلها، وهذا خطأ، بالعكس كون الفتاة المتدينة تهتم بمظهرها بقدر معقول هذا هو الحل الشرعي، لأننا نريد أن نقول لكل البنات: إن الدين لا يمنع من العناية بالمظهر، ولا يمنع من الاهتمام بالجمال بالقدر المعقول، ولا يمنع من النظافة، بل هو يحث على ذلك.

فمن المهم أن تكون الفتاة الطيبة الداعية إلى الله أو المنتسبة إلى دار من ديار القرآن الكريم أو المنتسبة إلى جمعية من جمعيات التوعية الإسلامية في المدرسة، أو ما أشبه ذلك، أن تكون في مظهرها نموذجاً طيباً يدعو إلى الاعتدال، وليست العناية تلك التي جعلت وجهها كأنه لوحة زيتية، ملون بالأصباغ من هنا ومن هناك، حتى اختفت بشرتها الحقيقية، واختفى الجمال الحقيقي وراء هذه الأصباغ الوهمية المصنوعة المتكلفة، لا، ولكن فيها مع الجمال الفطري قدر من العناية بالجمال، وقدر من العناية بالنظافة، وقدر من العناية بالمظهر في الثياب، في الحذاء، في الكتب، في البدن، في كل شيء، يجعلها قدوة ونموذجاً للآخرين، بحيث إذا رآها الناس غير المستقيمين قالوا: إن الدين لا يمنع من الاهتمام بالجمال، وفي نفس الوقت الدين لا يأمر بالإفراط والمبالغة في هذا؛ بل الدين يدعو إلى التوسط والاعتدال؛ ومن الخطأ أن تجدي فتاة متدينة صالحة ترى أن من كمال تدينها والتزامها ألَّا تهتم بشعرها، وألَّا تهتم بثوبها، وألَّا تهتم بحذائها، وألَّا تهتم ببدنها، وألَّا تهتم بشيء من هذا الأمر، ترى أن الاهتمام بهذا الأمر كله من القشور، والواقع أن فيه قدراً لا يلام عليه.

الإنسان بفطرته يحب الجمال، والتي تتنكر لهذا الأمر في الواقع تتنكر للفطرة، لكن التي تبالغ فيه أيضاً تظلم نفسها وتصبح مثل الذي يهتم بالقشر وينسى اللباب.

فحب الجمال فطرة عند كل إنسان رجلاً أو امرأة، هذا الحب للجمال يمكن أن يتحول إلى صورة سلبية كما أسلفت، فتاة كل همها العناية بمظهرها، لا تهتم بثقافة، ولا بعلم، ولا بدعوة، ولا بخلق، ولا بشيء، فهذا خطأ، وبالمقابل تجدين فتاةً أخرى قد تهمل هذا الأمر، وتتنكر للفطرة بأية حجة من الحجج، فهذا أيضاً خطأ، والدين يدعو إلى التوسط والاعتدال: أن تهتم الفتاة بمظهرها بقدر معقول، وأن يكون اهتمامها ثانياً بهذا المظهر لزوجها وفي مجالاتها الخاصة، فأما إذا خرجت لمجالات الرجال، كما إذا اضطرت للخروج إلى السوق مثلاً أو غير ذلك مع العناية بالضوابط والقيود الشرعية إلا أنها لا تهتم بمظهرها الاهتمام الذي يلفت إليها أنظار الآخرين، لأنه لا يهمها أن تلفت أنظارهم، بل يهمها ألا تفتن الناس؛ لأنها إن فتنتهم سببت الإثم لهم ولها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015