أبو بكر رضي الله عنه، سمع الناس يثنون عليه، فكان يقول: [[اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي مالا يعلمون]] فلا يغتر بثنائهم، وإنما يسأل الله تعالى أن يغفر له ما لا يعلمون من عيوبه.
وفي صحيح البخاري، أن أبا بكر رضي الله عنه، وعمر اختلفا في مسألة، فجاء أبو بكر وقد رفع ثوبه وجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أنه صار بيني وبين عمر بن الخطاب خصومة، وطلبت منه أن يسامحني فأبى، وإذا بـ عمر يجيء، فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى أبو بكر التغير في وجه النبي صلى الله عليه وسلم، والغضب لـ أبي بكر على عمر، لماذا ما سامحت أبا بكر؟ ولماذا وقفت منه هذا الموقف؟ فلما رأى أبو بكر ما برسول الله صلى الله عليه وسلم، أشفق عليه وأشفق على عمر، وقام وقال: والله يا رسول الله، أنا كنت أظلم.
-يعني أنا أخطأت من أجل أن لا ينال عمر رضي الله عنه شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الله بعثني فقلتم: كذبت.
وقال أبو بكر: صدقت.
فهل أنتم تاركو لي صاحبي} فما أوذي أبو بكر رضي الله عنه بعدها أبداَّ.
الشاهد أن أبا بكر رضي الله عنه، كان سريعاً إلى الرجوع إلى الحق والاعتراف به.
وقصته مع ولده أيضاً وهي في صحيح البخاري قصة طويلة، لا أطيل بذكرها وسرعان ما كان يعود إلى الحق، ويعتذر من الخطأ ممِن أخطأ عليه رضي الله عنه إن سراً فسراً وإن علانية فعلانية، ولا يزيد في هذا غضاضة ولا حرجاً.
أما عمر رضي الله عنه فكما كان شديداً في الحق كان شديداً على نفسه، ولذلك أعلنها صيحة مدوية [[رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا]] فاعتبر أجمل ما تهدي إليه، أن تهدي إليه عيباً، ولم يشترط عليك عمر أن تسر أو تعلن، وأي طريقة وأي كلام وأي أسلوب، المهم أنك تهدي له عيباً بأي شكل، وكان رضي الله عنه يتقبل النصيحة حتى وهو على المنبر، فربما صعد وقال [[أيها الناس! اسمعوا وأطيعوا.
فقام رجل من الرعية من عامة الناس، وقال: لا سمع ولا طاعة.
فقال: لِمَ رحمك الله؟ قال: لأنك أعطيتنا ثوباً ثوباً.
ولبست ثوبين.
فقال: قم يا عبد الله بن عمر.
فيقوم ابن عمر، ويشرح القضية أنه قد أعطاه ثوبه، فلبس ثوبه ولبس ثوب ولده عبد الله]] ؛ لأنه رجل كبير جسيم.
ومرة أخرى يقول: [[لو رأيتم فيّ اعوجاجاً.
يقول له رجل: لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا]] فخذ هذه القصة ولا تظل تنظر فيها وتحللها، وتقول: هل المعنى أنهم سوف يخرجون عليه؟ لا.
لا أبداً.