الأمر الأول: النصيحة فإن النقد هو نوع في حقيقة الأمر من النصيحة، وقد قال الله عز وجل: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة:91] فذكر النصيحة لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك النصيحة للمؤمنين.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم عن أبي هريرة في حق المسلم على المسلم، قال: {وإذا استنصحك فانصحه} وفي الحديث الثالث، وهو صحيح أيضا: {إن الله يرضى لكم ثلاثاً وذكر منها: أن تناصحوا من ولاه الله أمركم} والحديث المشهور حديث تميم بن أوس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {الدين النصيحة -ثلاثاً- قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم} بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال، في الحديث الذي رواه أبو داود بسند حسن، كما يقول الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، يقول: {المؤمن مرآة أخيه المؤمن} فانظر كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه المؤمن بالمرآة، إذا وقف أمامها الإنسان رأى صورته الحقيقية، بما فيها من حسنات وما فيها من عيوب؟! فإننا نعرف أن المرآة تعكس صورة الشخص بحسنها وقبيحها، وحلوها ومرها، وجيدها ورديئها؛ وذلك لأن الإنسان ربما لا يستطيع أن يعرف نفسه، ولا يرى نفسه جيداً، إلا من خلال رؤيته لنفسه في أخيه المسلم الذي هو مرآة له.
فالعين تبصر فيها ما دنا ونأى ولا ترى نفسها إلا بمرآةِ