الأمر بالمعروف والنهي والمنكر

الأمر الثاني: موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وهو شعيرة عظيمة، ألَّف فيها خلق من أهل العلم كتباً كثيرة، ونصوص هذا الباب أكثر من أن تذكر وأشهر من أن تحصر، منها قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110] وذكر عن المؤمنين: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة:71] إلى غير ذلك.

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، لا يعتبرون أن أحداً يُقصر في ذلك، لا أميراً ولا مأموراً، ولا كبيراً ولا صغيراً، ولا يجاملون فيها أحداً قط، وما قصص الصحابة رضي الله عنهم من ذلك بأمر قليل، فإنهم قد انتقدوا على بعضهم بعضاً أموراً كثيرة، كما انتقد علي رضي الله عنه على عثمان أنه نهى عن المتعة في الحج، ولما سمع أنه ينهى عنها، أهلَّ بها علي بأعلى صوته: لبيك عمرةً متمتعاً بها إلى الحجِ، ولم يقُل: هذا أجامله، أو أستحي منه أو أقره؛ لأنه لا يرى أن في هذا حطاً من قدره؛ لأن فيه إحياءً لسنةٍ من سنن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك لما رأى ابن عباس ٍ معاوية َ يستلم أركان البيت كلها، ويقول: ليس شيء من البيت مهجوراً انتقده ابن عباس علانيه، وهو كان له مكانة عالية وأمير، وقال له ابن عباس: [[لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يستلم إلا الركنين]] .

ولم ير معاوية َ أن في هذا حطاً من قدره ولا بخساً لمكانته، كما لم ير ابن عباس أن مكانة معاوية َ تمنع من أن يُؤمر بالمعروف ويُنهى عن المنكر، ويُقال له: هذا هو الطريق فالزمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015