تقليص الإسلام وتوطيد النصرانية

إننا في الوقت الذي نجد فيه المطالبة على أشُدها في بلادٍ إسلامية كثيرة بتقليص الإسلام، وتحجيم دعوته، وإغلاق مجالات النشاط الشرعي بأوهى الحجج، بحجة أنها مكان لنفوذ الأصوليين، أو مكان لتغلغل المتطرفين، أو أنها تُعتبر منابع يتخرج منها المتدينون، ولا بُد من تجفيف المنابع، بتغيير التعليم، وتغيير الإعلام، وعلمنة أجهزة الدول كلها، والقضاء على كل الجمعيات والمؤسسات والمراكز والمساجد التي تكون منطلقاً للدعوة الإسلامية، إننا في الوقت نفسه نجد أن العالم الغربي يقطع خطوات كبيرة في تيسير عملية التعبد على الطريقة النصرانية للمواطن العادي.

فقد أصبح بإمكانه أن يتعبد زعماً وإلا فهي عبادة للشيطان حقيقةً، أن يتعبد وهو متكئ على أريكته في عقر بيته، من خلال متابعة برنامج تلفزيوني، أصبحت البرامج التلفزيونية بالمئات بل بالآلاف في دولة واحدة فقط مثل أمريكا!! فضلاً عن الجهود الأخرى المكثفة والكثيرة، التي تُنادي بالقضاء على العلمنة في التعليم وفي الإعلام وفي الحياة العامة، وقد أصبحت هناك مطالبات كثيرة بإتاحة فرص أوسع للطلاب، للتعليم الديني، ولأداء الطقوس في مدارسهم وأماكن عملهم.

إنها مفارقةٌ عجيبة ففي الوقت الذي ينكفئ العالم الغربيُّ إلى دينه الفاسد المحرَّف المبدَّل المنسوخ، فإننا نجد أن من المسلمين اليوم من لا يزال يغط في سُباتٍ عميق، ويستكثر على المسلمين عودتهم إلى دينهم، ويحاول أن ينفخ الحياة من جديد في جسدٍ ميت، إنه جسد العلمانية التي هي كما قال الله تعالى عنها وعن غيرها من الباطل: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم:26] .

إن المسلمين اليوم في أمس الحاجة إلى أن يتلمسوا مواقع أقدامهم، ويدركوا أي حالٍ هم قادمون عليها، وأية خطةٍ تدار بشأنهم، يتنادى إليها الغرب والشرق على رغم أن المسلمين لا يملكون الكثير، ولكن أعداء الله تعالى هم كما وصف الله تعالى: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً} [التوبة:10] وقال تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلّاً وَلا ذِمَّةً} [التوبة:8] وقال تعالى: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً} [الكهف:20] .

خياران لا ثالث لهما {يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ} [الكهف:20] .

فأسأل الله تعالى أن يرد كيد الكائدين في نحورهم، وأن يرزق المسلمين الوعي والبصيرة في دينهم، وأن يثبت أقدامنا وأقدام المسلمين في كل مكان، إنه ولي ذلك والقادر عليه أقول ما تسمعون، وأستغفر الله تعالى لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروا الله يغفر لكم ويتُب عليكم؛ إنه هو التواب الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015