احتقار النفس

السؤال يقول: فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، هناك بعض الشباب يحتقر نفسه ويتنقصها بأنه ليس أهلاً لفعل الخير والعمل الصالح، فنريد من الشيخ توضيح ذلك، وإرشاد مثل هؤلاء الشباب؟

صلى الله عليه وسلم هذه المشكلة وهي قضية احتقار الإنسان لنفسه -فعلاً- مشكلة حقيقة، ويجب على من يشعر بها أن يحرص على التخلص منها، والواقع أن أكثر الناس ضعفاً، وأقل الناس مواهب، لو بحثت لوجدت لديه جانباً من الإبداع قد لا يوجد لدى غيره.

أضعف الناس لو فكر في نفسه، لوجد أنه يتمتع بمواهب وقدرات لا توجد عند غيره، ولكنه أهملها فضمرت وذبلت، ودفنت بركام من الغفلة عنها، ومن الشعور بالنقص واحتقار الذات، وعلى الإنسان أن يكون واثقاً بنفسه، وفرق بين الثقة بالنفس وبين الكبرياء أو الغرور، فثقة الإنسان بنفسه أن يحاول في كل مجال، إذا وجدت أن أمامك أمراً من الأمور، نشاطاً من الأنشطة، طموح من الطموحات تسعى إليه، فعليك أن تحاول بكل ما تستطيع من وسيلة، وتستعين بالله عز وجل، ثم بمن حولك من أهل الخبرة الذين سبقوك في هذا المجال، وستجد من النجاح بإذن الله ما يغريك بمواصلة الطريق.

والواقع أيها الإخوة، أن الإنسان إذا ابتلي باحتقار النفس، مهما يكن لديه من المواهب والطاقات؛ فإنه لا يمكن أن يستفيد منها، ولذلك أقول: فعلاً أن هذه مشكلة حقيقة، لأن الإنسان إذا لم يكن لديه ثقة بنفسه مهما يكن موهوباً؛ فإنه لا يستفيد من هذه المواهب، واعلم أيها الشاب! أن أي موهبة أعطاك الله إياها، فإن الله سيسألك عنها، وبهذه المناسبة أذكرك بقول الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} [الأنعام:165] .

إذا تأملت هذه الآية؛ وجدت أن الله عز وجل ذكر أنه رفع بعضنا فوق بعض درجات بكل شيء، سواءً بالعلم أو بالمنزلة أو بغير ذلك، ومن ذلك اختلاف الناس في القدرات والمواهب والإمكانيات، ثم قال: {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} [الأنعام:165] وأشار بعد ذلك إلى الحساب والعقاب والمغفرة والرحمة، إشارة إلى أن الإنسان سيحاسب على الطاقة التي أعطيها، والشخص الذي يستطيع أن يعمل شيئاً كثيراً، يحاسب على تقصيره بهذا الشيء الكثير الذي عمله، لكن الشخص الذي لا يستطيع أن يعمل إلا شيئاً قليلاً وعمل هذا الشيء القليل، لا يطالب بأكثر مما يستطيع، ولا يحاسب على ما لا يستطيع، فانتبه لهذا الأمر، فكل موهبة أو ملكة موجودة عندك؛ فأنت مطالب بتصريفها في خدمة الإسلام والدعوة إلى الله عز وجل ومحاسب على التقصير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015