مجاهدة النفس

الأمر الثالث: عليك أن تجاهد نفسك في ترك الحرام، وتعرف أن سبيل المجاهدة هو السبيل الوحيد الموصل إلى ما تحب، لماذا؟ لأن القضاء على هذه الغريزة قضاء مبرماً، غير مطلوب شرعاً ولا منطقاً، ليس مطلوب منك شرعاً أن تقضي على هذه الغريزة، وكثير من الشباب يقول حين تحاصره هذه الغريزة، وينزعج من ضغطها، يقول: إنني أتمنى أن أقضي عليها حتى أسلم منها وأرتاح وأنجو بديني.

لكن هذا تفكير غير صحيح؛ لأن القضاء على هذه الغريزة غير ممكن ولا مطلوب، وإذا كان ذلك كذلك، ولم تستطع تصريفها بالطريق الصحيح، فليس أمامك إلا طريق المجاهدة، مع فعل الأشياء المعينة التي سبقت، لكن لا بد من المجاهدة، وضبط النفس على العفاف والبعد عما حرم الله، وهذا ليس كبتاً -كما يسميه بعض المنحرفين- أبداً، لا يجد الإنسان السعادة إلا بذلك، وبالعكس إذا وقع الإنسان في المعصية، أصابه من توبيخ الضمير وتقريعه والشعور بالندم، ما لا يخطر له على بال.

أما إذا امتنع، فإنه كلما تذكر أنه منع نفسه من الحرام، شعر بلذة قلبية غامرة، فلا بد من المجاهدة وهي السبيل الوحيد أمام الشاب، ومع المجاهدة يقع الخطأ أيضاً، قد يقع من الإنسان نظرة محرمة غير دائمة ولا مستقرة، بل قد يتعدى الأمر إلى وقوع الشاب -أحياناً- في بعض الأشياء التي يكرهها، كثير من الشباب يشتكون -مثلاً وخاصة الشباب المنحرف أو العادي الذي لم يوفق بتوجيه سليم- يشتكون مما يسمونه بالعادة السرية، وأن الإنسان يقع فيها، ثم قد يتوب، ولكن ما إن يزول توبيخ الضمير وتقريعه، تبدأ المثيرات وتتحرك الغريزة من جديد، حتى يقع الشاب مرة أخرى وهكذا، فهو يشعر أنه بين شد وجذب، وبين توبة ونقض للتوبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015