من جهة أخرى يقع بعض الشباب أيضاً في حرج آخر، فهو يعيش في وسط مجموعة طيبة من زملائه، وحين يخلو بنفسه قد يقع في مثل هذه القاذورات، فيقول له ضميره: أنت منافق! أنت قذر ملوث، لا يجوز أن تعيش في وسط ناس طيبين! كيف تجالس نأساً أبراراً أطهاراً أتقياء أنقياء، ثم إذا خلوت بنفسك وقعت في هذه الأشياء المحرمة الشيطان حين يقول للإنسان هذا وذاك، يريد أن يحصل منه على أمرين انتبه لهما: الأمر الأول: أن يغري الإنسان بترك التوبة، لأنك تتوب ثم تنقض التوبة، والجواب الصحيح أن نقول: كلا، بل يجب على الإنسان أن يتوب من كل ذنب، وحتى حين يذنب ثم يتوب، ثم يذنب عليه أن يتوب، حتى يموت، وهو مطالب بالتوبة في كل حال، ومطالب بأن يجدد التوبة ويصبر عليها.
الأمر الثاني الذي يريده الشيطان من الإنسان: هو أن يترك الجلساء الصالحين؛ لأنه يشعر بأنه متناقض إذا جلس معهم، فيغريه الشيطان بالبعد عن المجالس الطيبة، فإذا ابتعد عن هذه المجالس انفرد به الشيطان؛ لأنه إنما يأكل من الغنم القاصية، فأغراه بما هو أعظم وأطم من ذلك، فربما دعاه إلى الوقوع في الفواحش، وربما دعاه إلى السفر إلى بلاد الكفر والإباحية، وربما دعاه إلى ألوان ودروب أخرى من الرذيلة، فعلى الإنسان ألَّا يستجيب لهذه الوسوسة التي تدعوه إلى ترك التوبة، أو تدعوه إلى ترك مجالسة الناس الطيبين.