أما النقطة الثالثة والأخيرة في هذا الموضوع فهي إشارة إلى موقف الجاهليات والمناهج المنحرفة من هذه الفطرة التي فطر عليها الإنسان، وألخص موقف الجاهليات في هذه الفطرة في أحد موقعين: الموقع الأول: هو مسخ الفطرة؛ وأعني بمسخ الفطرة: أن الشيطان وجنوده وأولياءه، يستغلون هذه الفطرة التي فطر عليها الإنسان، ليوجهوها وجهةً منحرفة، ويحاولون بكل وسيلة أن يناقضوا ما أمر الله ورسوله به، فيفتحوا -مااستطاعوا- الباب المحرم لإشباع الفطرة، ويغلقوا ماستطاعوا الباب المشروع لإشباع الفطرة.
انظر إلى الحديث الذي رواه النسائي وأحمد وابن حبان وغيرهم، وهو حديث حسن الإسناد، كما ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة، إسناده حسن، عن سبرة بن الفاكة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه أي: أن الشيطان قعد للإنسان في طريقه قاطع طريق, يمكن أن نقول: إن الطريق ها هُنا هو الفطرة فقعد له بطريق الإسلام، فقال له: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك؟! قال صلى الله عليه وسلم: فعصاه فأسلم} .
فالإنسان في هذه الحال -يفترض أنه إنسان مشرك أو كافر- دُعي إلى الإسلام، فلما هم أن يسلم، جاءه الشيطان، وقال له: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك؟!