أهمية الأنشطة الطلابية والمخيمات التربوية

Q فضيلة الشيخ: إننا نسمع من بعض الشباب، حين ندعوهم للاشتراك في المخيمات التربوية والرحلات والأنشطة الطلابية، نسمع منهم أن هذا مضيعة للوقت،،وأنه لا فائدة فيها، وأن الأفضل هو الجلوس واستغلال الوقت بالقراءة والدروس العلمية.

ما رأيكم جزاكم الله خيراً؟

صلى الله عليه وسلم لا شك أن المخيمات والنشاطات الطلابية من الأشياء المفيدة، التي تساهم في بناء شخصية الإنسان، والشاب -أحياناً- قد يقبل على العلم الشرعي، وهذا لا شك أنه إقبال حميد، وإنما يغفل عن أن بناء الشخصية أمر مهم، والإنسان قد يكون عنده علم شرعي.

لكنه لم يتعود على أن يلقي هذا العلم في الناس، ولا أن يواجههم به، فتجد أن هذا العلم حبيساً في صدره لكن لو أنه اشترك في أنشطة وأعمال ومخيمات تربوية وسواها؛ لكانت فرصةً للتدرب على كثير من الأعمال التي تفيد في نشر علمه، كذلك التعرف على الناس، وآرائهم، واتجاهاتهم، ومشاكلهم وأساليب معاملتهم، هذه كلها لا تتحقق إلا من خلال معايشة الإنسان للآخرين.

ولذلك يا إخوة، علينا -دائماً- أن نرجع إلى هدي الرسول عليه الصلاة والسلام وهدي الصحابة رضي الله عنهم من بعده، هل كانوا يعتزلون في طلب العلم ويتركون شئون الناس، وشئون المجتمعات؟ كلا! بل كانوا يتلقون العلم من خلال معايشة الناس، والاحتكاك بالمجتمع، ومواجهة مشكلاته وإدارته، وهكذا ينبغي أن يكون طالب العلم داعية اليوم.

وعلى الإنسان أن لا يضع في نفسه صورة محددة، أنا كطالب علم قد أنظر -مثلاً- إلى فلان بن فلان من الأفذاذ المشهورين، وأرشح نفسي أنني سأقوم مقام فلان، وأضع لنفسي برنامجاً قوياً في تلقي العلم والحفظ، وهذا البرنامج يستغرق عليّ وقتي، بحيث لا يصبح لدي وقت -أحياناً- ربما ولا لبعض النوافل، ولا لزيارة الأقارب، ولا لزيارة الرحم، ولا للتعرف على زملائي، فيحصر الإنسان نفسه، وهو يظن أنه قد ينفتح على الناس يوماً من الأيام، والواقع أن الإنسان إاذ حضر نفسه في وقت معين قد يصعب عليه أن يقبل على الناس في وقت آخر، بل اجعل مثلك الأعلى الرسول عليه الصلاة والسلام قال الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21] وانظر كيف كان يربي أصحابه، وكيف كان يعلمهم، وكيف انتقل العلم من الصحابة إلى من بعدهم من التابعين اقرأ في الكتب وانظر، لم يكونوا يعتزلون الناس في مكتبات أو صوامع للحفظ والتلقي فحسب، بل كانوا يتعلمون ويعلمون ويوجهون ويحتكون بالناس ويدعونهم في وقت واحد.

وما أتصور كطالب العلم جاد يقرأ في الكتب، ثم يمشي إلى المسجد، أو إلى المكتب، أو إلى مكان الوظيفة، ويرى الناس وما هم عليه من أخطاء وانحرافات، ثم تطيب نفسه وتقر عينه أن يظل في عزلته ويترك شأن الناس للناس!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015