طبقة الطائفة المنصورة

الدائرة الثالثة: وهي أضيق الدوائر هي دائرة الطائفة المنصورة، التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة عنه نقلت وثبتت عن نحو تسعة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم كثير من أهل العلم بأن أحاديث الطائفة المنصورة متواترة، حكم بذلك ابن تيمية والسيوطي والزبيدي والكتاني وغيرهم.

فقد قال صلى الله عليه وسلم: {لا تزال طائفة من أمتي، قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم على ذلك} .

هذا الحديث يشير إلى دائرة أضيق من دائرة الفرقة الناجية، يشير إلى طائفة من الفرقة الناجية قامت بفروض الكفايات التي لم يقم بها غيرهم، فهي طائفة على الحق، وهذا يعني أنها جزء من الفرقة الناجية ولا بد، ولكن ليست هي جميع الفرقة الناجية لزاماً وإنما هي طائفة منها.

ميزة هذه الطائفة عن بقية الفرقة الناجية أن هذه الطائفة قائمة بأمر الله، مجاهدة في سبيل الله، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، تعلم الناس علم الشرع، تدعو إلى الإسلام، تحارب البدع، تقاتل في سبيل الله بالسيف إذا أمكن ذلك، فإن لم يمكن ذلك جاهدت باللسان وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فميزتها القيام بأمر الدين، القيام بشأن الدين، ولذلك لم يصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالنجاة فقط كما وصف الفرقة الناجية، وإنما وصفها بوصف أعلى من النجاة، وهو النصر، أي أنهم يخوضون المعركة ضد الباطل، فهم الذين يمثلون الحق ويدعون إليه ويعلمونه، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وبالجملة هم الذين يقومون بالفروض الكفائية التي لم يقم بها غيرهم.

ولذلك وصفوا بالنصر، وأنهم قائمون بأمر الله، وأنهم صابرون لا يضرهم من خذلهم، فالذين يخذلونهم كثير، ولا يضرهم من خالفهم، فالذي يخالفهم كثير، وأنهم باقون حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم على ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015