أي: عن القرآن والسنة، في حين أن غيرهم لا يتلقى عن الوحي، أو يتلقى عنه وعن غيره من الفلسفات المنحرفة والآراء الضالة، ولا يأخذ من القرآن والسنة إلا ما يوافق هواه، ولذلك لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج وهم إحدى الطوائف المنحرفة ذكر أنهم: {يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم} ومن العجيب أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف خروج الخوارج من الدين وصفاً بليغاً، فقال في وصفهم: {يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية -والرمية يُقصد بها الصيد المرمي- ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، وينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، وينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء، وينظر إلى قِدحه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم} .
ومعنى هذا التشبيه باختصار: أن السهم الذي أصاب هذه الرمية قد دخل وخرج بسرعة فائقة، بحيث أنك تجد السهم بعد خروجه من الرمية ليس فيه أثر للدم، ولا أثر للفرث، وكأنه لم يدخل أصلاً في هذه الرمية؛ لسرعة خروجه منها، وهكذا أهل الأهواء لسرعة خروجهم من الدين، وعدم عملهم بالقرآن والسنة، تنظر فلا تجد أدنى أثر لنصوص القرآن والسنة في آرائهم ولا في حياتهم.
فالخاصية الأولى للفرقة الناجية هي التلقي عن الوحي.