التأثر القلبي الوجداني بالوحي، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المروي من طرق كثيرة: {أنه نظر إلى السماء فقال: هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء، فقال له زياد بن لبيد: كيف يا رسول الله، وقد قرأنا القرآن وحفظناه؟! فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ثكلتك أمك يا زياد! والله إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة! هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فما أغنت عنهم} أي: ليس المقصود أن يقرأ الإنسان القرآن فحسب، أو يقرأ السنة فحسب دون أن يتأثر تأثراً قلبياً حقيقياً بما يقرأ.
يقول جبير بن نفير أحد رواة الحديث -وهذا شاهد مهم- يقول: [[فلقيت عبادة بن الصامت رضي الله عنه، فقلت له: ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء، راوي الحديث؟ قال: وما يقول؟ فذكر له الحديث، قال عبادة: صدق أبو الدرداء! إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الأرض، قال: علم الخشوع! يوشك أن تدخل المسجد الجامع فلا ترى فيه رجلاً خاشعاً]] .
وهاهنا أشار عبادة رضي الله عنه وأشار من قبله أبو الدرداء فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن المهم في العلم ليس هو العلم الذي يقال باللسان، وإنما هو العلم الذي يصل إلى القلب، فتكون ثمرته الخشوع والخوف من الله تبارك وتعالى، فالخاصية الثانية من خصائص الفرقة الناجية التأثر القلبي الوجداني بالوحي.