الرد على المشككين في هذه الحقيقة

يقول سبحانه: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44] ويقول: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179] فقد حكم الله الذي ميز الإنسان بأن الذي كفر انحط إلى رتبة أقل وأحط من رتبة الأنعام، ولا أدري ما موقف هذا الكاتب من مثل هذه الآيات! إننا نجد النصوص القرآنية والنبوية صريحة في أن الجنة حرام على الكافرين، يقول الله عز وجل: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة:72] ويقول سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65] ويقول سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:88] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة: {إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وإن الله ليعز هذا الدين بالرجل الفاجر} .

وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: {أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام يلقى أباه يوم القيامة، فيرى إبراهيم في وجه أبيه القترة، فيقول: ألم آمرك فعصيتني؟! فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيذهب إبراهيم وقد أمسك أبوه به، فيقول: يا رب، لقد وعدتني ألا تخزيني يوم القيامة، وأي خزي أخزى وأعظم من خزي أبي الأبعد؟! فيقول الله عز وجل: يا إبراهيم، إني حرمت الجنة على الكافرين، ويأمر الله عز وجل إبراهيم أن ينظر، فيجد أباه وقد مسخ ضبعاً أو ذيخاً، فيراه متلطخاً بنتنه فتستقذره نفسه، ويطيب خاطره، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار} .

فهذا أب لنبي من أنبياء الله يأمر الله عز وجل به إلى النار، ولا ينفعه أن يكون ابنه نبياً، وذلك لاختلال الشرط عنده وهو أنه مات كافراً، وكذلك كان والد النبي صلى الله عليه وسلم ووالدته، ففي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم {استأذنت ربي أن أزور قبر أمي فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي} .

وقد جاء رجل كما في كتاب الضياء المقدسي، وكما في الطبراني وغيرهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم: {فقال: يا رسول الله! إن أبي كان يصل الرحم ويكرم الضيف ويفعل كذا وكذا، فأين هو؟ قال له صلى الله عليه وسلم: أبوك في النار، فكأن الرجل وجد في نفسه، فقال: وأبوك يا رسول الله؟ قال: وأبي! ثم قال صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل: حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار، فكان الرجل يقول: لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً عسيراً، ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار} .

ويجب أن نعلم أن قضية تحريم الجنة على غير المسلمين وأن خلود الكافرين في النار هي من القضايا الثابتة المستقرة لدى المسلمين عموماً، لدى أهل السنة والجماعة، بل ولدى غيرهم من سائر طوائف المسلمين، فهذه القضية ليست موضع خلاف.

هذه هي الدائرة الواسعة، دائرة من حكم لهم بدخول الجنة ولو عذبوا في النار بقدر ذنوبهم وخطاياهم ونقوا، ثم أخرجوا منها ليدخلوا الجنة، والفائزون بهذا هم من حققوا شرط الإسلام، من حققوا الشرط الذي من أخل به فهو غير مسلم، فشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأقاموا الصلاة، ولم يأتوا بأي ناقض من نواقض الإسلام الذي يكون من أتى به كافراً، كعبادة غير الله، كالطواف بالقبور، وكدعاء الأولياء والصالحين إلى غير ذلك من النواقض، وهذا الشرط نجد أن كثيراً ممن ينتسبون اليوم إلى الإسلام قد حققوه ظاهراً، وإن أخل بعضهم أو كثير منهم ببعض مقتضياته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015