إن من أصول الشريعة المتفق عليها والمقررة: أن فضل الإنسان -فرداً كان أو جماعة أو أمة- لا يكون بمجرد الانتساب؛ إنما يكون بالعمل، قال الله تعالى في محكم التنزيل: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:123] وقال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} [الأنبياء:94] وقال الله عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26] وقال جل شأنه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة:7-8] .
إذاً: فالخيرية لا تكون بمجرد الانتساب، ولسنا نحمل نظرية كنظرية بني إسرائيل، الذين يزعمون أنهم شعب الله المختار، وأن لهم فضيلة، بمجرد كونهم يهوداً، كلا! إن هذه الأمة إنما كانت أفضليتها وخيريتها بقيامها بأمر الله عز وجل، واتباعها للرسول صلى الله عليه وسلم، وأمرها بالمعروف، ونهيها عن المنكر، وشهادتها على الأمم كلها.