ثانياً: إن في نسبة الشيء إلى غير فاعله تنصلاً من المحاسبة والمعاتبة وتحمل المسئولية، والكثيرون يرون أنه لا مسئولية عليهم، ولا عبء على كواهلهم، وأنه آن الأوان لهم ليعتزلوا الناس ويتركوهم حيث قد فسد الزمان، قال قائل: هذا الزمان الذي كنا نحاذره في قول عمر وفي قول ابن مسعود إن دام هذا ولم يحدث له غيرٌ لم يُبك ميتٌ ولم يفرح بمولد والشرع صريح في مسئولية الإنسان، وعتابه وتكليفه بكل شيء من الأمور الاختيارية، والزمان ما هو إلا وعاءٌ وإناءٌ وظرفٌ لأعمال الناس؛ سواء كانوا أفراداً أم جماعات أم دولاً أم شعوباً أم غير ذلك، يقول الله عز وجل: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:7-10] ويقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الانسان:2] ويقول: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ [الانشقاق:6-7] {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} [الانشقاق:10] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث المتفق عليه: {كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته الحديث} وفي حديث أبي الدرداء عند أهل السنن {لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة؛ حتى يسأل عن أربع} الحديث.