أنواع تزكية النفس

أجاب على هذا السؤال الشيخ: سليمان حفظه الله.

Q ذكرت أنه لابد من تزكية النفس، فماذا نقول في قوله تعالى "ولا تزكوا أنفسكم"؟

صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم: ذكر العلماء رحمهم الله أن التزكية على نوعين: النوع الأول: التزكية بالعمل، وهو المطلوب للإنسان، أن يزكي نفسه بالعمل الصالح.

النوع الثاني: التزكية بالإخبار، وهذا هو المنهي عنه في قوله سبحانه وتعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم:32] وقوله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النساء:49] إن الإنسان عندما يطلق العنان لنفسه في ناحية العمل الصالح, فيكبر هذا العمل الصالح في عينه, ويكبر هذا العمل الذي يقدمه, ثم بعد ذلك إذا جاء أي أمر من الأمور، من ناحية المدح, بذل نفسه في هذا، وقال: أنا وأنا وأنا, فهذا هو التزكية المنهي عنها.

أما التزكية المطلوبة، وهي من ناحية العمل، فالإنسان لابد أن يزكي نفسه ويطهرها, ومعنى التزكية: الطهارة والنماء والزيادة قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:103] وقال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النور:28] أي: أطهر لقلوبكم, فالإنسان عندما يسعى في هذا المجال ويصلح ويزكو قلبه, ويكون محلاً للتوسل, وللذكاء, وللفراسة, التي ذكرها العلماء.

قلوب الناس تختلف، بعض العلماء يصبح قلبه يدرك الأمور من بعد, كما حصل لـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إن يكن في أمتي محدثون فـ عمر} بمعنى: أن عمر فيه حداثة قوية, وفيه معرفة لبعض الأمور التي لم تقع وهي في علم الله سبحانه وتعالى, ولكنه يدرك ذلك, ولذلك يقول: وافقت ربي في ثلاث وذكر هذه الثلاث التي وافق الله سبحانه وتعالى بها، فيتحدث بها عمر، بناء على قوة الحدث الذي عنده.

هنا نسأل من أين أتاه هذا الحدث؟ ومن أين أتاه التخمين الذي يدرك الإنسان في هذا الأمر؟ يدركه من طهارة القلب, ولذلك في سورة الحجر، الله سبحانه وتعالى لما ذكر قصة قوم لوط قال في آخر القصة: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر:75] والمتوسمون -كما قال العلماء- هم النظار, وقال بعضهم: هم المتفرسون, وقال بعضهم: هم المعتبرون, والاعتبار والنظر وهذه الأشياء وما في معانيها لا تأتي من القلب الذي يزكَّي، بل تأتي من القلب النظيف, فمعنى تزكية النفس هو: طهارتها من ناحية العمل, لا من ناحية الإخبار, ففرق بين الأمرين، ومن أراد الاستزادة عليه أن يرجع إلى كتاب ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان، في الجزء الأول، في الباب السابع حول هذا الموضوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015