المقصود بالتطهير والتزكية

ما معنى التطهير والتزكية؟ التطهير والتزكية كما يقول ابن القيم رحمه الله: إن أفضل الأعمال وأرفعها هو مقام الصدقة؛ وذلك لأن الصدقة فيها أسرار، تختلف بين الناس من حال إلى حال، فالله سبحانه وتعالى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منهم صدقة ليطهرهم ويزكيهم بها, ولينظف قلوبهم من الأشياء التي اختلطت بها فأفسدتها.

والله سبحانه وتعالى يرشد عباده المؤمنين إلى وسيلة من الوسائل، التي بها تزكو نفوسهم، وتزكو قلوبهم, فيقول سبحانه وتعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:30] والله سبحانه وتعالى يقول أيضاً: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النور:28] إذا جاء إنسان وطرق عليك الباب, وكان لك شغل, وأرجعت هذا الإنسان، فهل الخير في رجوع هذا الإنسان، أو الخير في غضب هذا الإنسان؟ فالله سبحانه وتعالى قال: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النور:28] فالذي يرجع ويعيد هذه الخطوات التي مشاها، لاشك أن هذا العمل هو أزكى له, والرجل الآخر، الذي إذا قيل له: ارجع، أصبح عنده ردة فعل وتغير وجهه, لا يكون هذا الرجوع هو زكاة له، لماذا؟ لأن قلب هذا يختلف عن قلب هذا.

إذاً، فلنبحث عن قلوبنا، ونطهرها من الأخلاط التي حلت فيها, حتى تكون قابلة للخير.

والحديث الذي ألم به فضيلة الشيخ، وهذه المعاني الجليلة التي ذكرها, تدعو كل واحد منا أن يتساءل: ما هي الوسائل التي أنظف قلبي بها وأزكي قلبي بها؟ والشيطان دائماً ينصب الشراك للإنسان, والشيطان دائماً هو الذي يجاهد الإنسان, ويحاول أن يطمس هذا القلب ويلوثه, ليصبح أسوداً، هذا هو حرص الشيطان، وهو دائماً في معركة مع الإنسان ليخرب هذا القلب ويصده، ويجعله مغلفاً، ويجعله مصفحاً، بل ويجعله منكوساً, كما هو قلب الكافر والمنافق والعياذ بالله.

والشيطان دائماً يحرص على أن يصد هذا الإنسان عن الخير، فيشوه هذا القلب ويجعله أسوداً, ويجعل المعاصي تتراكم على هذا القلب ذنباً بعد ذنب, حتى يصبح الران وهو الغلاف الذي على القلب فيصبح القلب مغلفاً لا يقبل الخير، وإنما يقع فيه الشر قال تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:14-15] .

والأمر المهم في التزكية هو أن ينتبه الإنسان دائماً إلى العداء الذي يبثه أصحاب العداء, ولا تظنوا أن هذا الأمر بسيط, لا والله.

إن الذي يريد الخير لنفسه، ويريد أن يسلك صراطاً مستقيماً, وأن تكون نيته حسنة وعلمه نافعاً وعمله صالحاً, لا يستمر على الحال التي هو عليها.

نحن بحاجة إلى أن ننظف قلوبنا عما حل فيها، يدعو الإنسان دائماً ربه سبحانه وتعالى ويصلي، لكن يشاهد أنه يدخل في هذه الصلاة، ويخرج من الباب، والصلاة لا تغير فيه شيئاً, لماذا؟ لأن قلبه غير متحرك وغير نظيف.

يدعو الإنسان وربما أنه يستبطئ الإجابة، ويقول: دعوت دعوت فلم يستجب لي، وربما -والعياذ بالله- أن الإنسان ييأس من الدعاء ولا يدعو الله سبحانه وتعالى, لماذا؟ فتش عن قلبك يا أخي، تجد قلبك غير نظيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015